سوريا اليوم في لحظة استثنائية، ومفارق طرق تاريخية ستحدد مصيرها وكينونتها لقرن كامل مقبل على الأقل، كانت هناك منظومة إجرامية طائفية تضرب جذورها في الشام أكثر من نصف قرن، تذل أهله وتسحق كرامتهم وتقتل الآلاف بدون محاكمات أو بمحاكمات وهمية وتحول سوريا إلى سجن كبير لأهلها وذكرى للخوف والرعب، تم اقتلاعها بتضحيات ضخمة، وثورة استمرت أكثر من 12 عاما،
واليوم هناك سلطة جديدة هي بنت الثورة أو فرع من شجرتها، ولديها إجماع شعبي مدفوع بأمرين:
بالأمل في النظام الجديد لسوريا حرة كريمة ناهضة، والخوف من عودة النظام القديم بكل وحشيته وكآبته، والسلطة الجديدة تتحرك اليوم فوق رمال متحركة، وخطرة، مخاطر وجودية وليست سياسية،
ليس الخطر على الشعب السوري اليوم هو تأخر إنجاز برلمان، أو تعطل دستور، أنت لا تتحدث عن حزب فاز على حزب آخر في انتخابات في هولندا أو اليونان،
الخطر على سوريا اليوم يأتي من تحالفات دولية، علنية، تتحدث بصراحة تامة عن خطط تقسيم لسوريا، وتدعم بالسلاح والمال -علنا- أقليات طائفية لتفتيت الدولة، من لا يفهم ذلك، ويستوعب ذلك، ويراعي ذلك، فهو أحمق، أو عدو حقيقي لسوريا متواطئ مع تلك الخطط، أيا كان تاريخه أو صفته،
سوريا ليست في مرحلة تحتمل «المهيصة» والدلال السياسي وأحلام نخبة مرفهة معزولة مغيبة وغير مسؤولة، عندما ترسخ الدولة نظامها السياسي، وتؤمن حدودها، وتنتصر على مشروعات التقسيم، سيكون المناخ السياسي آمنا ومؤمنا ومؤهلا تماما لبناء دولة المؤسسات والانفتاح على كل الآراء وكل الاتجاهات وكل الأحلام،
قبل ذلك لا تحتمل سوريا غير قرار واحد، وموقف وطني واحد، هو الالتفاف حول السلطة الجديدة، ودعمها بكل صور الدعم، لأن هذا مسار الإنقاذ الوحيد للوطن في تلك الأوقات التاريخية والمفصلية.