جنرال إسرائيلي: إعادة احتلال غزَّة خطة كارثية وفخ مميت للجنود والأسرى

اتهم اللواء (احتياط) إسحاق بريك، والذي شغل مناصب قيادية هامة في جيش الاحتلال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأنه عمل طوال فترة حكمه، على تقليص حجم الجيش البري بشكل كبير، ليصل إلى ثلث حجمه قبل عشرين عامًا، وذلك انطلاقًا من الاعتقاد بأن الحروب البرية الكبرى قد انتهت، وأن التهديد الحاسم الوحيد لإسرائيل هو السلاح النووي الإيراني. ونتيجةً لذلك، لم يتبقَّ سوى جيش بري صغير، يفتقر إلى التدريب الكافي، ولم يستطع السيطرة حتى على قطاع واحد.

وقال في مقال في صحيفة “معاريف”، إن وضع الجيش البري يُفسر جيدًا سبب عجز الجيش الإسرائيلي عن هزيمة حماس لهذه الفترة الطويلة.

وأضاف: نظرًا لصغر حجم الجيش البري، فإنه لا يستطيع البقاء في المناطق التي احتلها طويلًا، لعدم وجود قوات إضافية تحل محل القوات المقاتلة. لذلك، تحول إلى أسلوب الغارات، الذي تكرر عدة مرات في نفس الأماكن، حيث لم يُسفر هذا الأسلوب عن هزيمة حماس فحسب، بل تسبب أيضًا في خسائر فادحة للجيش الإسرائيلي وإصابة العديد من جنوده.

عدم الاستعداد للأنفاق

وشدد على أن الجيش لم يُنشئ قواتٍ محترفةً كافيةً للتعامل مع مئات الكيلومترات من الأنفاق، ولم يُجهّز مسبقًا عبواتٍ ناسفةً وتقنياتٍ جديدةً لتدميرها، ويعود ذلك إلى أن المستويين السياسي والعسكري عاشا لسنواتٍ طويلةٍ تحت انطباعٍ مفاده أنه لن تكون هناك حربٌ في قطاع غزة، لأن حماس غير راغبةٍ في ذلك، بل هي أيضًا مُتردّدة.

وأوضح بريك، أنه من أجل تبرير استمرار الحرب، بدأت المستويات السياسية والعسكرية تروي للجمهور قصصاً وخرافات ملفقة، مثل: “لقد دمرنا أكثر من 50% من الأنفاق في قطاع غزة”، “لقد أغلقنا الأنفاق الممتدة من سيناء تحت محور فيلادلفيا”، “لقد قضينا على 20 ألف مقاتل من حماس”، و”لقد دمرنا كل البنية التحتية العسكرية لحماس وبالتالي هزمناها”.

وأكد أن “جيش حماس” لم يُهزم كما تُصرّح القيادة العليا للجيش الإسرائيلي للجمهور، فحماس لا تمتلك بنية تحتية عسكرية، فهي ليست جيشًا ولم تُبنِ نفسها على هذا الأساس،ولم نُلحق ضررًا يُذكر بالبنية التحتية لحرب العصابات التي بنوها ، ومئات الكيلومترات من الأنفاق.

ورأى أن جميع القصص الخيالية عن تدميرنا كتائب وألوية حماس وبنيتها التحتية العسكرية هي مجرد كليشيهات لا أساس لها من الصحة، لأن قواعد الكتائب والألوية عادةً ما تكون مجمعات عسكرية يتواجد فيها القادة، وعند وجود خطر، ينزل الجميع إلى الأنفاق، ويكون التدمير لمجمعات عسكرية خالية من السكان.

وأكد بريك أن ما تحقق ميدانيًا لا يتوافق مع الخطاب الرسمي، موضحًا أن نسبة الأنفاق التي دُمّرت لا تتجاوز 24%، وأن حماس ما زالت تنشط من تحت الأرض بأسلوب حرب العصابات، دون وجود بنية تقليدية يمكن القضاء عليها. كما شكك في الأرقام الرسمية بشأن أعداد مقاتلي حماس الذين استشهدوا، قائلًا إن عددهم أقل بكثير مما يُعلن.

إعادة احتلال غزة
وقال: إن الخطة الأخيرة لاحتلال مدينة غزة، التي فرضها بنيامين نتنياهو على الجيش بعد معارضة شديدة من رئيس الأركان إيال زامير، الذي صرّح لمجلس الوزراء بأنها فخٌّ مميت لجنود الجيش الإسرائيلي والأسرى، هي خطةٌ بعيدة المنال.

وأضاف أن تصريحات نتنياهو، بأن احتلال مدينة غزة ستؤدي إلى اقتلاع جوهر حكم حماس، وهزيمة المنظمة واستسلامها، مقولةٌ مبتذلة، فحماس تعمل من خلال الأنفاق – وهي شبكةٌ تمتد لمئات الكيلومترات وتمتد على طول قطاع غزة وعرضه.

وأكد أنه عندما يدخل الجيش الإسرائيلي مدينة غزة، ستنتقل جميع مراكز سيطرة حماس إلى مناطق أخرى خارج المدينة، بحيث ينتقل مركز القوة إلى أماكن أخرى، ولن يؤثر وجود الجيش في أجزاء من مدينة غزة على استمرار عمليات حماس.

من ناحية أخرى، سيتكبد الجيش خسائر بشرية، وسيموت الأسرى في الأنفاق. كما لن يتمكن الجيش من البقاء في المنطقة بشكل دائم كحكومة عسكرية، كما أن الجيش لا يملك قوات كافية للبقاء في قطاع غزة لفترة طويلة.

وحذر من أن إعادة احتلال غزة ستكون له تداعيات كارثية على إسرائيل، فإخراج مليون غزاوي من المدينة والقتال داخلها سيتسبب في سقوط العديد من الضحايا بين السكان المدنيين، الذين سيبقى الكثير منهم في المدينة، وسيؤدي هذا إلى انفجار لم تشهده إسرائيل من قبل، وسيدفع حتى آخر داعميها، بمن فيهم الجمهوريون في الولايات المتحدة، إلى التوقف عن تقديم الدعم لها.

وأكد أن إسرائيل ستترك بلا شيء، ولن تُهزم حماس وستظل تسيطر على معظم قطاع غزة؛ ومن جهة أخرى، قد تفقد إسرائيل آخر مؤيديها في العالم، وسيفقد الجيش العديد من جنوده، وقد يموت الأسرى في الأنفاق، وسيزداد التطرف في المجتمع الإسرائيلي، وستتدهور حالة التعليم والطب والاقتصاد.