أكد الجنرال إسرائيل زيف قائد سلاح المشاة والمظليين الأسبق، وقائد فرقة غزة ورئيس فرقة العمليات في هيئة الأركان، أنّ “الأسبوع الخامس والستين من الحرب على غزة انقضى، والاحتلال في طريقه إلى اللا مكان”.
وأضاف إسرائيل زيف في مقال نشره موقع القناة 12 بالتلفزيون العبريّ أنه “لا يوجد أيّ معلمٍ يسمح له بتحديد مكانه سوى اللانهاية، هناك شيء واحد واضح حتى الآن، وهو أنّنا نبتعد عن أهداف الحرب، وعن إنجازاتها التي تتآكل وتختفي، وصفقة الأسرى تبتعد أكثر فأكثر، وتورطنا في غزة يزداد عمقًا، واتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يقف على ركبتيه، واحتلالنا لمناطق في سوريّة يتعرض للإدانة من العالم، ولا يزال إطلاق النار الحوثي يهدد تل أبيب، و(النصر المطلق) لا يلوح في الأفق”.
وتابع أنّ “أهداف الحرب الأطول في تاريخ الاحتلال لم تتحقق بعد، فحماس مستمرة في حكم غزة، والأسرى الذين لا يعودون ما زالوا يعانون في الأنفاق، والجنود ما زالوا يُقتلون، في ديسمبر فقط قُتل 17 منهم، وفي بقية أنحاء قطاع غزة، أعادت حماس بناء نفسها، والصواريخ الـ15 التي تم إطلاقها قبل أيام تشهد على ذلك”.
ولفت إلى أنّه “من أجل ملاحقة حماس حتى النهاية، فإنّ على الحكومة فرض حكمٍ عسكريٍّ كاملٍ، وتجنيد فرقتيْن كاملتيْن من الجيش، وهو وضع لا تستطيع تنفيذه، وما تفعله الحكومة حاليًا هو الاستمرار على ما هو عليه، مع نمطٍ منتظمٍ من عدم اتخاذ قرارٍ في أيّ قضيةٍ، وأيّ ساحةٍ، فيما تستعد الحكومة لإقرار قانون التهرب من الخدمة العسكرية الذي يغرس سكينا في ظهور آلاف الجنود، في ظلّ الحاجة لكلّ واحدٍ منهم في الخطوط الأمامية، لكنّ الحكومة تُملي واقعا عبثيا، مليئًا بعدم المسؤولية والازدراء، عنوانه عار كبير، يشير إلى ضعفٍ حقيقيٍّ للحكومة وبؤسها، وأصبحت إسرائيل دولة بأسرها تخدم حكومتها، وليس العكس”.
وأكّد أنّ “سياسة الحكومة تُحوّل غزة إلى فيتنام، في ضوء نجاح حماس بزيادة معدل تجنيدها لمزيد من المقاتلين لتعويض ممّن قُتلوا في المعارك، ما يشكل تراجعا في إنجازات الحرب، مع دخول ظاهرة جديدة بين الإسرائيليين عنوانها إحصاء الجثث للشهداء الفلسطينيين في غزة، وهو مفهوم يعود إلى حرب فيتنام، مفادها أنه إذا قُتل عدد كافٍ من الثوار الفيتناميين، فإنّ “الفيتكونغ” سييأسون، ويستسلمون في النهاية، لكن ذلك استغرق 15 عاما حتى خرج الأمريكيون وذيولهم بين أرجلهم، ومعهم ستين ألف جندي قتيل، فيما الفيتكونغ لم يستسلموا”.
وأوضح أنّه “لا يوجد مثال من التاريخ على أنّ منظمة أيديولوجيّة دينيّة، رفعت يديها، واستسلمت، بل إنّ هناك أمثلة كثيرة على أنّ الدول التي حاربتهم وصلت معهم في النهاية إلى نوعٍ من التسوية، وهو ما حصل لنا في لبنان في نهاية حرب امتدت 18 عاما، لكن ما يمنعنا عن تكرار الأمر ذاته مع حماس في غزة اليوم هو اعتبارات نتنياهو الشخصية، على حساب مصالح الدولة، ما يستدعي منه الاستيقاظ من وهم (النصر الكامل)، ووهمه باستسلام حماس من خلال المزيد من الضغط العسكريّ”.
وشدّدّ على أنّ “ما يجري في غزة من قتل ليس منتهيًا يثير المزيد من الشكوك بين الإسرائيليين، ولكن بعد دفع المزيد من الأثمان على طول الطريق، ما يؤكد أنّ الوضع الحالي هو الأسوأ على الإطلاق، ويفرض عليهم أفدح الأثمان، وإلى اللامكان، لكن المشكلة أنّه مع مرور الوقت، يصبح الخروج من هذه المعضلة أكثر صعوبة، لأنّه سيصعب الاعتراف بالخطأ المتأخر وارتفاع الأثمان، ولسوء الحظ، فإن من لا يستطيعون اتخاذ قرارات في ذروة اللحظة، تصبح فرص قيامهم بذلك أكثر بعدًا”.
وختم بالقول إنّه “في هذه الأثناء، تمر أيام طويلة وليالي شديدة البرودة، وليس من الواضح كيف يعيش الأسرى في غزة، ويصدمني من جديد في كلّ لحظةٍ أنْ أفكر أنّ لدينا مثل هذه القيادة المُخدرة والمُبهمة التي لا تقاتل دون إعادتهم”.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ 460 يوما على التوالي، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان أكثر من 155 ألفا و 200 شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.