الآن وقد وضعت الحرب أوزارها بين إيران وإسرائيل، هل أصرت إيران ضمن شروطها على إنهاء الحرب بغزة؟ هل اشترطت حتى إدخال المساعدات للناس الجوعى بغزة؟ هل ذكرت أصلا أي شيء يخص غزة وأهلها؟
هل اشترطت على الأقل عدم اعتداء قطعان الصهاينة على الأقصى؟ هل كنتم تظنون حقا بأن من تسبب بقتل مئات الآلاف من المسلمين الأبرياء في سوريا وتعاون مع الاحتلال الأمريكي في العراق وأجهض المقاومة السنية والشيعية فيها، وتعاون مع أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان الشيعية، وتحالف مع الهند تحت حكم أقذر الهندوس تطرفا في تاريخ الهند ضد باكستان السنية، وترك شعبي في غزة لمدة عامين يباد دون أن يحرك ترسانته الصاروخية التي ظهر أن باستطاعتها الوصول إلى العمق الإسرائيلي، وترك حتى حلفاءه العرب في لبنان واليمن يقصفون بالطيران الإسرائيلي دون أن يدافع عنهم بصواريخه التي ظهرت فجأة بعد اسستباحة إسرائيل لطهران وتدمير بنيتها النووية، هل كنتم تعتقدون حقا أن إيران كانت ستشترط على الولايات المتحدة أن تضع حدا لقتل المسلمين في غزة لكي توقف ضرب صواريخها وتنهي الحرب مع الصهاينة؟!
هل كنتم تعتقدون فعلا أن من أسال بنفسه أنهارا من دماء المسلمين في سوريا والعراق وغيرها مهتم أصلا بوقف قتل المسلمين في غزة؟!
لا شك أننا كنا نفرح بضربات إيران على جيش الصهاينة ونرجو الله أن يجعل فيها تخفيفا على أهلنا بغزة، وذكرت في مقال كتبته في بداية الحرب أن من يتعاطف مع إسرائيل في هذه الحرب وهو يرى قتلها للمسلمين في غزة وتدنيسها لمسرى نبينا يكون حكمه مرتدا خارج عن الإسلام، ولكنني حذرت في نفس المقال من أن يتوهم أحد بأن إيران تحارب من أجل حقن دمائنا في غزة أو حماية مقدساتنا في القدس، وذكرت أن هذه الحرب حرب مصالح للسيطرة على الإقليم بين قوتين معاديتين للعرب عموما إحداهما صفوية طائفية والثانية صهيونية عنصرية، ولم تتحرك إيران لغزة ولم تدّعِ ذلك أصلا، وكان بإمكانها إنهاء الحرب في غزة لو أصرت على هذا الشرط لإنهاء إطلاق صواريخها، أما الآن وقد وضعت الحرب أوزارها بين الطرفين دون ذكر لإنهاء مأساة شعبي وأهلي المستضعفين في غزة، فقد آن الأوان أن ندرك أن العاطفة المبنية على حسابات خاطئة وأوهام لا مكان لها في معادلات الحروب، بإمكانك الاستفادة من الاختلافات بين القوى من حولك بما لا يخالف دينك، ولكن إياك أن تعتقد أن عدو عدوك سيكون بالضرورة صديقك الذي يهتم بأمرك ودمك!
ولا أجد كلاما أختم فيه مقالي هذا أفضل من حديث لأستاذنا وقدوتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يختصر فيه كثيرا من الكلام الذي أردت إيصاله إلى حضراتكم، عندما رفض العرض الجزئي الذي قدمته له قبيلة بني شيبان لإيوائه ونصرته قائلا:
«إن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه».