“جيلُ الغَزَل”.. شعر: عمر بلقاضي
هذه قصيدة ناقدة لأغلب ما يُنشر في النّوادي الأدبية العربية في زمن الهوان والتّخلف والمآسي.
***
لا يَشْغَلُ الجيلَ إلا العِشقُ والغَزَلُ
والأرضُ تَنْخَرُها الآفاتُ والعِلَلُ
كأنَّ أحرُفَنا صارَتْ مُسخَّرةً
للجنسِ في دَرْبه المَرْذول تُبتَذلُ
أينَ الفضيلةُ ؟ أين الرُّشْدُ في أدبٍ
بَلْوَى الدَّنيَّةِ في فَحْواهُ تَكتمِلُ؟
هل الثَّقافةُ أهواءٌ مُزَخْرفةٌ
بالحَرْف لا قيمٌ تُرْعَى ولا أمَلُ؟
أرى الشَّبابَ إذا رامَ القصيدَ هَذَى
أبْدى كلامًا سَخيفًا كلُّه خَبَلُ
لغوٌ وغيٌّ وإفلاسٌ وسَفْسَطةٌ
شبابُنا اليومَ قد طاشتْ به السُّبُلُ
يَقفو الرَّغائبَ في أيّامِ مِحنَتِهِ
يَهْوِي إلى الذُّلِّ لا وعيٌ ولا وَجَلُ
قد خالفَ الدِّينَ لم يَنهضْ لِغايَتهِ
لا ينفعُ النُّورَ أقوامًا إذا جَهلُوا
الجيلُ إن تبعَ الأهواءَ مُنتَكِسٌ
مَصيرُهُ الطَّيشُ والإخفاقُ والزَّلَلُ
ماذا يُحقِّقُ جيلٌ عابِثٌ ذَرِبٌ
يَهذي ومَقصَدُهُ الأحضانُ والقُبَلُ؟
إنّ الذين عَلَوْا في الأرض وانتَصَروا
بالعِلمِ والسَّعيِ والإقدامِ قد وَصَلُوا
آدابُهمْ تَرسُمُ الآفاقَ في ثِقةٍ
والسَّعيُ للقِمَمِ العُليَا لهمْ شُغُلُ
ربَوْا خَلائفهُم بالجِدِّ فانطَلقُوا
نحوَ الصَّدارةِ لا وهْنٌ ولا كَلَلُ
صارُوا نجومًا على وجْهِ الورَى شرَفاً
ترْنو إليهمْ شعوبُ الأرضِ و المِلَلُ
والغافلونَ عن الأمجادِ خدَّرهمْ
لهْوٌ تجذَّر في الألبابِ فانْتُعِلُوا
لم يَطلبُوا العزَّ في عِلمٍ وفي عَملٍ
ولم يقوموا بما جاءتْ به الرُّسُلُ
قدِ اسْتخفُّوا بدينِ اللهِ فانتَحَرُوا
لا ينفعُ المَيْتَ تَنبيهٌ ولا عَذَلُ
ماذا يُفيدُ شباباً لا خلاقَ لهُ
وقد تَهاوى به الإسْفافُ والكَسَلُ
***
يا أمّة الذّكر إنّ الجيلَ مُسْتلَبٌ
ماذا دهاك ؟ أما يعنيك ذا الخَلَلُ ؟
الحقُّ يسطعُ في آياتِ خالقِنا
ما في القضيَّةِ تَنظيرٌ ولا جَدلُ
الدِّين والعلمُ والأخلاقُ مَنفذُنا
نحو السُّموِّ فطُوبَى للأُلى عقَلوا
تبقى ثقافتُنا رمزًا لامَّتنا
ما في البَسيطةِ عن أخلاقِنا بَدَلُ
***