الأحد مايو 19, 2024
أقلام حرة

حاتم سلامة يكتب: تلبيس الشيطان

كم هاجمتهم في أوكارهم، فلامني عشاقهم، رفضوا قولي وجافوا حرفي، ويعلم الحق انني ما انتصرت إلا للحق، الذي هو واضح أبلج، بين مشرق، لا تخفيه الغشاوة او تحجبه العماية.

هنا أقول لك:

من تلبيس الشيطان عليك، والذي يساعده فيه عدم درايتك أو قلة معرفتك، أن تكون صاحب ذنب من الذنوب، أو علة من علل النفس والقلوب، ثم يوما ما تفتح جوالك او تلفازك، لتسمع وتشاهد شيخا أو داعية يتحدث فيما أصابك، ويشخص لك الدواء، بعد ان وصف ما فيك من الداء، فيبهرك منه أنه اطلع على حال نفسك، ومكنون خبرك، وعلة قلبك، وحيرة ذاتك، فيأخذ كلامه بيديك إلى الهدى بعد الضلال، والاستقامة بعد الانحلال، وهنا ينشأ بينك وبين هذا المتحدث رباط روحي عظيم، فيعده قلبك إمام الهداية، وبحر العلم والدراية، ويكون قريبا إلى هواك وروحك، فلا تسمح أن تقال عنه كلمة سوء، أو وصفا موبوء، أو نقدا مرزوء.

وهنا بداية الإفك ومنشأ الخرق.

إن صاحبنا قد يكون آية من آيات الوعظ، ماهرا في الحديث والفصاحة، موهوبا في البيان والبلاغة، لكنه على المستوى السلوكي والعقدي والفكري والتطبيقي، من اهل الإفك والضلالة، منحرف الفهم والاستنتاج، صاحب عقيدة باطلة تجافي الحق، يعلن البدع والمنكرات، يسبح بحمد الظلم والطغيان.

رأيت أحدهم يوما معجبا بحسون، ويعرض في صفحته مقطعا له وهو يتكلم في الزهد والرقائق، يشغف القلوب ويأسر الألباب فقلت له: بالله عليك ألا تدري ما حسون وما أمر حسون؟

الا تعلم من واقعه شيئا؟

ولما اخبرته كأنه أفاق من ثبات وهم عظيم، ومنكر وخيم.

وهكذا في ساحتنا كثير من أئمة الضلالة، ماهرون في الوصف والحديث، يأخذون بمجامع الروح وتلابيب القلوب، وإذا لم تكن متنبها لزورهم وإفكهم، فما أضيعك بمعسول كلامهم، وجميل خداعهم.

شيخ صوفي مبتدع، عظيم من عظماء الخطابة، علم من أعلام البلاغة، أمهر من رأيت حديثا في عيوب النفس وأمراض القلوب، يشدك إليه ويطريك، ويستميلك ويستهويك، ليصير الأفضل في عينك والأعلى في وعيك، ولكنه ضال المعتقد منحرف الفهم، يغرف من الأحاديث الموضوعة المكذوبة، يوغل في استخدام الخرافات التي يغرم بها ضعاف العلم والهمم، يخدر بها اسماعهم، ويرخي بها أشواقهم.

وهذا للأسف حال خطير إذا لم نتنبه له، صرنا فيه كالعجماوات، نساق بلا وعي ولا بصيرة.

اجعل كتاب الله وسنة نبيه ميزان عقلك ومبعث حكمك ومنطلق رشدك على الدوام، واسأل دوما أين الحق وأين طريقه، وأين الصواب وأين سبيله؟ لا تدع قلبك يقودك، وظالم لنفسه من ظن العاطفة يوما طريقا للحق.

Please follow and like us:
حاتم سلامة
كاتب وصحفي مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب