حاتم سلامة يكتب: شكسبير عدو اليهود
الأحداث الأخيرة أظهرت مدى تغلغل اليهود في المجتمعات العالمية، وهو التغلغل الذي وصل إلى حد السيطرة، وحد الكفر بكل تلك المعاني التي يرفعها الغرب عن الإنسانية والتراحم والعدالة والمساواة..
الكل اليوم أشاد بحق إسرائيل ليس في الدفاع عن نفسها كما يقولون، ولكن حقها في قتل المدنيين الأبرياء، وعملية التطهير العرقي البشعة التي تقوم بها في قطاع غزة.
أكبر جريمة إنسانية يشارك فيها العالم كله بحكوماته التي لا تستطيع أن تقول لإسرائيل وحلفائها: لا.
ولكن يمكننا القول اليوم: إن إسرائيل نجحت في السيطرة على الحكومات، لكنها خسرت الشعوب التي افتضحت أمامهم، وتبين للقاصي والداني أكذوبة إسرائيل وعنصريتها ووحشيتها، وسقطت كل تلك السنين الطوال التي حاولت فيها إسرائيل أن تظهر بمظهر الضحية المضطهدة التي تبحث عن حقها.
وإن أشد ما يؤلم إسرائيل اليوم وسط ما تخوضه من تلك الحرب التي تسميها حرب وجود، هو تلك الكراهية الفائقة التي قوبلت بها من كل أحرار العالم، وهذه المظاهرات الحاشدة التي قامت في أغلب الدول تندد بها وتلعن وجودها.
استطاعت إسرائيل بنفوذها الرهيب وسيطرتها على عالم المال والإعلام منذ أزمان، أن تقمع الحقيقة وتكمم الأفواه، ولم يعد هناك حرية أمام ما يغضب إسرائيل.
كن حرا كما شئت.. أما أن تذكر اليهود وإسرائيل بشيء فهذا خطر كبير يؤهل صاحبه لعقاب أكبر.
المفكر الفرنسي (روجيه جارودي) تمت محاكمته عام 1998م بتهمة معاداة السامية لأنه ألف كتابا تحت عنوان (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية)، وشكك فيه من العدد الذي يشيعه اليهود عن محرقة الهولوكوست وأنهم (6) مليون يهودي، وقال: إن هذا الرقم تمت زيادته لابتزاز الدول الأوروبية والحصول منها على مساعدات، مما عرضه لعقاب قانوني سنة مع إيقاف التنفيذ.
لقد قُدم للمحكمة في بلد الحريات فرنسا، لأنه مس اليهود بما يشينهم.
اليهود أقوياء جدا في مجالات النشر والإعلام ومما يذكر أنهم وقبل حرب أكتوبر مع مصر عام 1973م لم تكن أي صحيفة أو جريدة في الغرب تجرؤ على أن تذكر العرب بخير، وكلمة فلسطين كانت محرمة في قاموس النشر في الغرب، لأن هذا اللفظ يؤلم اليهود.
بل بلغت بهم الجرأة أن يطالبوا بحذف كل ما يسيء إليهم في الأناجيل التي هي الكتب المقدسة لدى النصارى، حتى عذاب المسيح في آخر أيامه، يريدون حذفه أو تخفيفه على الأقل تخفيفا لمسؤولية اليهود. ويرون أن عذاب المسيح يتحمل مسؤوليته جنود الرومان وحدهم.
وهناك من يطالب بإلغاء إنجيل متى لأنه شديد العنف على اليهود، وهم يعلمون أن هذا الإنجيل تحديدًا هو أساس صدارة كنيسة روما على غيرها من الكنائس، والأساس القانوني لسيادة البابا على غيره من رؤوس الكنائس.!
ولكن لا شيء يعلو فوق سمعتهم وتجميل صورتهم حتى ولو كان الكتاب المقدس.!
أما اليهود في أمريكا فيصرون على تحريم كتب كبيرة مثل تاجر البندقية للأديب الإنجليزي شكسبير، لأن فيها إشارات ضد اليهود، كما نجح يهود أمريكا فعلا في استصدار قرار بتحريم الصلاة المسيحية في الصباح في المدارس، لأن تلك الصلاة تجرح مشاعر اليهود.
والسيطرة القوية على الفكر والإعلام حاولوا ممارستها مع مصر حينما طلب مناحم بيجن من السادات أن يسكت الشيخ الشعراوي بل طال الأمر بوزير التعليم الإسرائيلي إلى المطالبة بحذف بعض آيات القرآن الكريم.
فقد فوجي الأستاذ أنيس منصور يومًا بالسادات يستدعيه ليبلغه شيئا شديد الخطورة بخصوص الشيخ الشعراوي، وهو أن خطابا وصله من بيجن رئيس وزراء إسرائيل وقتها يشكو فيه من الشيخ الشعراوي لأنه يهاجم اليهود ليلا ونهارا ومن غير مناسبة، وخاصة في الحلقتين الأخيرتين قبل إرسال الخطاب، ولما راجع أنيس الحلقتين لما يجد شيئا مما قاله بيجن.
وفي ذات الوقت تلقى خطابًا من بطرس غالي وزير الخارجية وفيه نص خطبة وزير التعليم الإسرائيلي الذي يقول فيه: لن يتحقق السلام بيننا إلا إذا حذفتم بعض آيات القرآن الكريم، وهنا كلفني السادات بالسفر إلى إسرائيل، وقال له: قل لبيجن على لساني: إذا لم يكف عن الادعاء بأن الشعراوي يهاجم اليهود وليس الصهاينة، فإنه سينشر خطبة وزير التعليم على جميع القنوات في مصر والعالم العربي، حتى توقظ الكراهية النائمة عند ملايين المسلمين.. وهو ما حدث فعلا وتوقف بيجن عن ادعاءاته”