حاتم سلامة يكتب: مصيبة لا حل لها
أريد أن أقول لك: دعك مما حدث في يوم 7 أكتوبر، والخسائر التي منيت بها إسرائيل، فكل ذلك لا يهمها ولا يروعها، ويمكن تعويضه عبر تحقيق معادلة توازي ما فقدته في الأرواح والمعدات والخسائر والإمكانات والأسرى.
دعك من هذا كله وانظر إلى الكارثة الأساسية التي وقعت فيها إسرائيل اليوم، وإقدام قيادتها لمعالجة الموقف بسرعة، خشية أن تتنبه الأنظار لهذه الكارثة، فيكون لها أثرها السلبي على بنية الكيان الصهيوني برمته.
منذ بدء الأحداث رأيت شيئا عجيبا وحاولت تكذيبه، وقلت: لعله من فرط المفاجأة، أو عدم استيعاب ما يحدث…!
لقد رأيت جنود حماس وهم يلتقطون الجنود اليهود ويأسرونهم ويجرونهم من على المصفحات والدبابات، والجنود يرتمون على الأرض ويحاولون دفن أنفسهم فيها كما يفعل النعام في الرمال برأسه، وأشهد الله أني رأيت مشهدًا فخيل إلي وقتها كيف يمكن للإنسان أن يمثل دور الفأر أمام القط، حينما تنشل كل أركانه فلا يعرف كيف يتصرف إلا أن ينكفئ على نفسه متفاديا هجوم القط.
قمة الرعب وقمة الفزع وقمة الهلع.
قلت كذلك وقتها يمكن لهؤلاء الجنود أن يكونوا مخمورين سكرانين، خاصة وأنهم في توابع يوم الغفران.
لكن الحالة وما سمعنا بعد من الأنباء عن طبيعة الجنود اليهود أثبتت أن هذه الجبن المفرط والفزع الزائد سمتهم وصفتهم.
الجندي اليهودي اليوم تغير وتطور بشكل مذهل ولكن بصورة أسوأ، فهو غير الجندي اليهودي عام 48 وعام 73، فمن نراهم اليوم، تركيبة لينة هينة رخوة جبانة، لا طاقة لها بالمعارك، ولا تقوى على النزال.
وهنا يتبدى ويلح سؤال مهم.
هل ما يحدث هو طبيعة الجندي اليهودي فعلا، أم أنه الرعب الذي وعد الله به المؤمنين أن يلقيه في قلوب عدوهم؟
قال تعالى: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ)
قال الإمام ابن كثير: “بشر الله المؤمنين بأنه سيلقي في قلوب أعدائهم الخوف منهم والذلة لهم، بسبب كفرهم وشركهم، مع ما ادخره لهم في الدار الآخرة من العذاب والنكال”
هل يمكن أن يكون هذا هو رعب الله للعدو، أم أنه طبيعة الجنود الجدد.
والحقيقة أن المصيبة عليهم ليست متفردة، أن تمتطي خيارا من الأمرين، فإنها فعلا طبيعة الجنود الجدد، وفوق هذا الرعب الإلهي الذي يلقيه الحق في قلوبهم، فزادت الطامة عليهم وتأزم البلاء.
اليهود مخادعون ما كرون، لكنهم حتى في هذه الأيام فاشلون في حبك أكاذيبهم.
فمنذ 7 أكتوبر، سمعنا الجميع يتحدث ويعلن عن إقبال منقطع النظير على التطوّع في الجيش، حتى من يهود الخارج، أي أن جميع اليهود هبوا على قلب رجل واحد حماية لحلمهم الذي يرونه يضيع.
لكن ما لبثت “يديعوت” أن فضحت الأكاذيب حينما نشرت هذا الخبر:
يقول الخبر بالنص:
“سيشدّد جيش الدفاع ائيلي عقوبات الفارين من الخدمة على خلفية حرب “السيوف الحديدية”. اعتبارا من الأول من ديسمبر، سيتمّ تشديد إنفاذ ومعاقبة الجنود الفارين الذين لا ينضمون إلى وحداتهم، أي حوالي شهرين منذ اندلاع الحرب في الجنوب. ومن المتوقّع أن تكون نسبة العقوبة من يوم إلى ثلاثة أيام سجن فعلية مقابل كل يوم غياب، وذلك مقارنة بفترات الاعتقال الأقصر في الماضي. ولدى جيش الدفاع الإسرائيلي حاليا حوالي 2000 جندي منشق، معظمهم في الخدمة النظامية”. (انتهى الخبر).
أرأيت الآن وعلمت أين إذن تكمن وتكون مصيبة إسرائيل الحقيقية؟!
إن الجنود اليهود إن أردت تشبيههم، فيمكن أن تقول: بأنهم غثاء كغثاء السيل.. مدللون مرفهون جبناء يخشون على حياتهم، لا يؤمنون بقضية ولا دولة ولا وطن ولا يرون كل ذلك يستحق أن يموتوا في سبيله.. فيالها من مصيبة لا علاج لها.