رسولَ اللهِ يا مَن شَبَّ عن طوْقِ
قرينَ مكارمِ الأخلاقِ والصِدقِ
سَمَوْتَ بها إلى علياء ِ قِمَّتِها
أتَتْكَ تجُرُّ أذيالاً على شْوْقِ
حبيبي يا رسولَ الله
هَزَمْتَ الحُزْنَ والأوْجَاعَ والألمَا
ولمْ تُبْدِ الأسى يوماً ولا الندَمَا
رآكَ الكَوْنُ إذ تَرعَى لهُمْ غنَماً
عِصامِيّاً ، لِترعَى بَعْدَها الأُمَمَا
حبيبي يا رسولَ الله
وإذ تَرعَى خَدِيجَةَ في تِجارَتِِها
تباركُها نماءً حازَ بَهْجَتَها
وصِرتَ لها حبيباً بَعدَ خِطْبَتِها
سكنتَ فؤادَها الحَانِي ومُهْجَتَها
حبيبي يا رسولَ الله
وبيْتُكَ بالرِضا الهَانِي يُرَى فيهِ
تَمَامُ السَّعدِ في شتَّى مَعَانِيهِ
تَسَامَى في مَرَاقِي الحُبِّ مُبتَهِجاً
ونَهْرُ الوُدِّ جارٍ في نَوَاحِيهِ
حبيبي يا رسولَ الله
سَعِيدُ الحَظِّ مَن كنتمْ لهُ جارا
ومِنْكَ المِسْكُ كمْ يغشَى له دَارا
جوارًا ضمَّخَ الجيرانَ منبعثًا
منه الضياءُ وفاضَ الوُدُّ مدرارًا
حبيبي يا رسولَ الله
******
أرأيتَ هذا النورَ بينَ الغَارِ
والليلَ موصولاً بوجهِ نهارِ
جَلَّ التبتُّلُ والرسولُ فؤادُهُ
يزهو سناهُ تعبُّدًا للباري
حبيبي يا رسولَ الله
حتى أتى في ليلةٍ جبريلُ
اقرأْ يَطِبْ لَكَ أحْمَدُ التَّرتِيلُ
اقرأْ فإنكَ قارىءٌ ..يرقى به
دَرَجَ العُلا القرآنُ والتَّنزيلُ
حبيبي يا رسول الله
فأجَبْتَهُ أنا ما أنا بالقاري
لوْ كنتُ أقرأُ ما بدا إنكاري
أُمِّيَّةٌ زانتْكِّ يا خَيْرَ الوَرَى
واهــــاً لها أُمِّيَةُ المُختارِ
حبيبي يا رسولَ الله
قد رَاعَ قلبَكَ ما رآهُ من المَلَكْ
والكَوْنُ يَشْهَدُ والبَرِيَّةُ والفَلَكْ
هذي خديجةُ في رَبَاطةِ جأشِها
كلماتُها النورُ الذي يغزو الحَلَكْ
حبيبي يا رسولَ الله
تاللهِ لا يُخْزِيكَ مَنْ خَلَقَ الوَرَى
إذ عِشْتَ بَدراً في الخلائقِ نِيِّرا
أتُرَاكَ والخَيْرُ الذي هو دَيْدَنٌ
لكَ أن ترَى شَرّاً ، وَرَبِّكَ لن تَرَى
حبيبي يا رسولَ الله
فإذا بها كُلُّ المَخَاوف ِ تنجَلِي
عن قَلْبِ أحْمَدَ والنبيِّ المُرسَلِ
قَصَّ النَّبِيُّ على ابْنِ نَوْفلَ ما رأى
فأجابَهُ : أبْشِرْ بِخير ٍ مُقبِلِ
حبيبي يا رسولَ الله
قال ابْنُ نوفلَ إنَّ قلبيَ مُفعَمُ
بسنا اليقينِ فأنتَ أنتَ الخَاتَمُ
يا ليتني جَذعاً ومِن أهْلِ الصِّبا
لكَ نُصْرَتي واشْهَدْ بأني مُسْلِمُ
حبيبي يا رسولَ الله
صَعَدَ النبيُّ المصطفى جَبَلَ الصَّفا
وأبانَ مِن شَأْنِ الرِّسالةِ ما اختفى
فإذا صناديدُ الغِوايةِ والهوَى
قد أعرضوا إعراضَ جهْلٍ وَجَفا
حبيبي يا رسول الله
قلبي تَلا : تبَّتْ يَدَاكَ أبي لَهَبْ
هو أهْلُ ذاك التَّبِّ مِن سُوء الأدبْ
يُبْدي العَدَوَاة للرَّسولِ فلم يَزَلْ
بالكفرِ في النِيران مَوصُولَ النسَبْ
حبيبي يا رسولَ الله
رَمْضاءُ مَكَّةَ والهواجرُ شاهدةْ
ورمالُها وصخورُها المَتوَقدَةْ
مَن عاشَ في كَنَفِ العقيدةِ نالَـَهُ
حَرُّ اللظى وأذى القلوبِ الجامدةْ
حبيبي يا رسولَ الله
كمْ أنَّ مِن فوقِ اللظى خَبَّابُ
وبلالُ أو عَمَّارُ والأصْحَابُ
ذاقوا الأذى بل إنهم لمْ يَضعُفوا
إذ مِنهُمُ تحتَ الثَّرَى مَن غابوا
حبيبي يا رسول الله
ويرى النبيُّ المُصطَفَى ما نالَهُمْ
كلماتُهُ قد خَفَّفَتْ أحمالَهُمْ
صَبَروا على ألَمِ العذابِ فإنما
هي جَنَّةُ الفردوسِ قد لاحتْ لهمْ
حبيبي يا رسولَ الله
كم جلَّ حُزنُكَ والمواجعُ والألمْ
في فَقْدِ أمِّ المؤمنينَ الحُزْنُ جَمّ
والليلُ في أجواءِ مكَّة َ مُدْلَهِمّ
واشتذَ فيه ظلامُهُ مِن فَقْدِ عَمّ
حبيبي يا رسولَ الله
ذَهَبَ الأسى في بهجة المعراجِ
والليلُ في الآفاقِ وضَّاءُ السِّرَاجِ
قد عشتَ فيه من الحفاوةِ بهجةً
غسَلتْ أساكَ وحُزنَ عامٍ داجِ
حبيبي يا رسول الله
أذِنَ الذي رَفَعَ السَّما بالهِجْرَةِ
فمضى الصَّحابَةُ نحوها في هِمَّةِ
ذاقوا مراراتِ الأسى لكنها
في الحقِّ يا واهاً لها مِن لَذَّةِ
حبيبي يا رسول الله
باعوا لِدِين الله أسبابَ الغنى
قد هاجروا للحقِّ باعوا مَوْطِنَا
حتى يظلَّ الدِّينُ أعظمَ قِيمةً
يحيا لها مَن حَازَ قلباّ مؤمنا
حبيبي يا رسولَ الله
يا فرحَةَ الصِّدِّيق ِباليومِ النَّدِيّ
ولقدْ بكى مِن بهجَةِ القلبِ النقيّ
اختارَهُ الرَّحمَنُ مِن بَيْنِ الوَرَى
في هِجْرةِ الإيمانِ يَصْطَحِبُ النبيّ
حبيبي يا رسولَ الله
نجَّاهما الرَّحمَنُ في عليائهِ
والنصرُ فَيْضٌ مِن عظيمِ عطائِهِ
في الغارِ أنزلَ في القلوبِ سَكِينةً
عَمِيَتْ عُيُونُ الشِركِ في أعدائِهِ
حبيبي يا رسولَ الله
فَوَقَاهُ شَرَّ المُجرِمينَ جَمِيعَهْ
وَحَبَاهُ مِن حِصْنِ الأمانِ مَنِيعَهْ
أبشِرْ “سراقةُ” بالسِّوارِ غَنِيمةً
وَعْدٌ بهِ كافَى الرَّسُولُ صَنِيعَهْ
حبيبي يا رسولَ الله
طوبَى لها هذي القلوبُ رَسُولُها
وَصَلَ المَدِينَة َ واستقرَّ ذُهُولُها
في فَجْرِ يومٍ حَلَّ فيها المُصطَفَى
تزهو الجبالُ بهيجةً وسُهولُها
حبيبي يا رسولَ الله
حتى الحَصَى مِن زَهْوِهِ المُتقدِّمِ
غَنَّى غناءَ البُلٔبُلِ المُتَرَنِّمِ
غَنَّى بحِسٍّ مُرهَفٍ ذي مهجةٍ
جَالَ الهَوَى بين المَشَاعِرِ والدَّمِ
حبيبي يا رسولَ الله
عَقَدَ الإخاءَ الدِّينُ أوثَقَ ما عَقَدْ
فإذا المدينةُ جَنَّةُ طولَ الأمَدْ
يغذو بها الإيثارُ رُوحَ حياتِها
وانارَها الإيمانُ بالله الصَّمَدْ
حبيبي يا رسولَ الله
أرأيتَ ما صَنَعَ الإخاءُ بأهْلِهِ
في أمِّة الإسلامِ سِرُّ جلالِهِ
ظلَّ الرسولُ إلى الحياةِ دَلِيلَهمْ
طابَ الدَّليلُ لِحُسْنِهِ وَجَمَالِهِ
حبيبي يا رسولَ الله
يَهدِي الحياةَ إلى العُلا إيثارُ
قد زانها الإجلالُ والإكبارُ
وهي الجديرةُ أن تكونَ جميلةً
إذْ عاشَ بَيْنَ رُبُوعِها المُختَارُ
حبيبي يا رسول الله
قد نال منه الجوعُ في الأحزابِ
إذْ كانَ يَحْفُرُ حاملاً لِتُرابَ
ما كانَ إلا في الشدائدِ أمّةً
أبداً وما في الحَقِّ كانَ يُحَابِي
حبيبي يا رسول الله
جاءتُهُ كم شَكَتِ المَتَاعِبَ فاطمةْ
كلَّتْ يداها والرًّحَى كَمْ مُؤلِمَة !!
فأبَى وكمْ في السَّبْي غايتُها التي
مِن أجلها جاءتْ لتطلبَ خادِمَةْ
حبيبي يا رسول الله
ومضى إليها زائراً خيرُ الورى
يمحو الأسى عنها ويجبُرُ خاطرا
أنا قد أتيتُكِ يا بُنيَّةُ فاعلمي
خيرٌ من الخُدَّام أذكارُ الكَرَى
حبيبي يا رسولَ الله
في حُبِّ مَكَّةَ دَبَّ بالقلب اشتياقْ
رفقاً بلالُ ، رسولُنا عَانَى الفراقْ
رفقا ً بلالُ دعِ القلوبَ لعلها
تلقى مُناها حِينَ يُسْعِدُها التلاقْ
حبيبي يا رسول الله
في يومِ فَتْحِكَ مَكَّةً ما أعظمَهْ
قد قال عنه البعضُ يَوْمُ المَلحَمَةْ
فأجبتَهُ يا صاحِ لا ، بلْ إنَّهُ
سيظلُّ في الوُجْدانِ يومَ المَرحَمَةْ
حبيبي يا رسولَ الله
في فَتْحِ مَكَّةَ في وفائِكَ مُعجزَةْ
إذ كان في التاريخ يومَ الجائزةْ
وَجَلَسْتَ تفترشُ العَبَاءةَ للتي
ذَكَرَتْ خديجةَ ، والمدامعُ بارزةْ
حبيبي يا رسول الله
لمَّا رأى وَجْداً لَدَى الأنصارِ
مَسَحَ الأسى بالحُبِّ والإيثارِ
إنْ فازَ بالأموال قومٌ غَيْرُكُم
لا تحزنوا ودِيارُكمْ هيَ داري
حبيبي يا رسولَ الله
أنتمْ إذا اشتدَّ البلاءُ رِجَالي
معكمْ أعودُ بكم أَحُطُّ رِحَالي
معكمْ أنا حتَّى أُغَيَّبَ في الثَّرَى
فاستبشروا بالحَوْضِ يا أبطالي
حبيبي يا رسول الله
في يوم موتِكَ كم بكى هذا الوجودْ
والأرض تبكي والأسى نهراً يجودْ
مادت بها الأحزانُ في أوجاعِها
مُهَجُ الصحابة حُزنُها فاقَ الحدودْ
حبيبي يا رسول الله
فإذا المدينةُ كلُّها عند المُصابْ
هي تحتَ أنَّاتِ البلاء لها انتحابْ
عَصَفَتْ بها الآلامُ في أنحائها
قد أظلمتْ ولقد بكى فيها الترابْ
حبيبي يا رسول الله
حتى ثوى في صبرِهِ الصِّدِيقُ
جبلاً ، وفي كلماتِهِ التوثيقُ
وتلا من القرآن إثْرَ تلاوةٍ
عمَّ الرضا ، بقيَ الأسى والضيقُ
حبيبي يا رسول الله
ومضى رجالُكَ أمَّةً في مجْدِها
تخشى الأسودُ الملتقَى مع جُندِها
ما كان من وعد الإله لها سرى
حقاً ، وراياتُ العُلا في مَهْدِها
حبيبي يا رسول الله
لم يبقَ فُرسٌ في الورى أوْ رومُ
كلٌ لدى داعي الوغى مهزومُ
نادِ السَّحابَةَ شرِّقي أو غرِّبي
فخرَاجُ غَيْثِكِ عندنا مَقسُومُ
حبيبي يا رسول الله
يزهو السَّنا في أمَّتي بالدِّينَ
يحدو بها للنصر ِ والتمكينِ
حتى مضى عنها الزمانُ ومَجْدُها
تُهْدَى إليه قصائدُ التأبينِ
حبيبي يا رسول الله
أشكو إلى خير الورى أحزاني
يا خيرَ رُسْلِ اللهِ ذابَ جَناني
فالأمَّةُ الحيرَى يُخاصِمُها العُلا
وتتوهُ في لُجَجٍ من النسيانِ
حبيبي يا رسول الله
يا ويْحَها تحيا مع الوَهَن المقيمْ
وتغطُّ في جَهْلٍ مع الجَدَلِ العقيمْ
تاهتْ بها الأهواءُ في أفكارها
كم تشتكي وتئنُّ من قلبٍ سقيمْ
حبيبي يا رسول الله
هي أمتي الثكلى وكم نَزْفتْ جراحْ
هي في ظلام الليل تنتظرُ الصباحْ
يغتالها الحَيْفُ الذي في أهلها
ويُهَانُ فيها الحُرُّ إنْ رَامَ الكفاحْ
حبيبي يا رسولَ الله
ورحى الخيانة في مخازيها تدورْ
فيها الأسى عاتٍ يخاصُمُها السرورْ
أهْلُ الأمانةِ غُيِّبُوا تحتَ الثرى
أهْلُ الخيانةِ بين باحاتِ القصورْ
حبيبي يا رسولَ الله
ذَرِفَ الأسى في الجهر والخلواتِ
قلبي ، وعشتُ مواجعَ الحسَراتِ
والقدسُ باكٍ مِن فجيعةِ أسْرِهِ
أبكيهِ في شِعري و في صَلَوَاتي
حبيبي يا رسول الله
وأرى شتاتَ الحقِّ في أرضِ العَرَبْ
شَبَحُ الضَّلالِ يَرُوعُها منها اقترَبْ
والدِّينُ فيها كم يُكابدُ غُربةً
وكأننا بالدينِ مقطوعو النَّسَبْ !!
حبيبي يا رسول الله
أقسمتُ بالله الذي رَفَعَ السَّما
أنا عِزَّتي في الأرض كَوْنِي مُسْلِما
دِينى يرى أن الرِّضا في عِيشَةٍ
بالذُلِّ يُوشِكُ أن يكونَ مُحرَّما
حبيبي يا رسول الله
نحيا على الأمَلِ الذي فيهِ الحياهْ
نطوي الأسى بالصبر نُبْحِرُ في مَدَاهْ
سنظلُّ والإيمانُ يَسْكُبُ نُوْرَهُ
نحيا كراماً أو نموتُ على هُداهْ
حبيبي يا رسول الله
مِن حَوْضِكُمْ يا سَيِّدي لي مَطْمَعُ
في شَرْبةٍ تَرْوي الغَلِيلَ فيَشْبَعُ
إنْ كنتُ في هَدْي النبيِّ مُقًصِّراً
بابُ المَحبَّةِ والشفاعةِ أوسَعُ
حبيبي يا رسولَ الله
فامننْ عليَّ بما دَعَوْتُكَ خالقي
وامنحْ عُبيدَكَ من عطايا الرازقِ
سِتْراً به ألقى الرضا في جنةٍ
فأفوزَ يومَ الحشرِ بين خلائقِ
حبيبي يا رسول الله
واجعلْ مُقامي في جوار المُصطفَى
طابَ المُقامُ وَلَيْتَ لي قلباً صَفَا
في حُبِّهِ عاشَ الحياةَ مُضَمَّخاً
بهواهُ إنْ تقبلْ فذلكَ قد كفى
حبيبي يا رسول الله
