الأمة/ في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك لعام 164 هـ الموافق للتاسع والعشرين من شهر نيسان للعام الميلادي 684، انتصار المسلمون بقيادة صقر قريش عبد الرحمن الداخل الأمير الأموي الذي أقام دولة الأندلس الإسلامية على جيش شارلمان.
كان قد علم عبد الرحمن الداخل، أن شارلمان يُعدّ رجاله للقتال، بنيّه القضاء على الخلافة الإسلامية، واستعد شارلمان بجيشه وعبر بهم الجبال ليُباغت المسلمين، لكن وعوره الطريق وخطوره الجبال أوقعت المئات من رجاله.
عند منعطف ظاهر قرطبه التقى بجيش المسلمين الذي أجبره على الرجوع من حيث أتوا، فانسحب متكبداً خسائر فادحة.
تلاشت أحلام مشروع شرلمان ملك الإفرنجة في ضم الأندلس إلى ممتلكاتة، فدعى عبدالرحمن الداخل إلى عقد معاهدة صلح يأمن كل منهما جانب الآخر.
إمارة قرطبة:
كان عبدالرحمن الداخل قد أسس إمارة قرطبة ووحد جماعات المسلمين التي شاركت في غزو إسبانيا، وفي القرن العاشر الميلادي كانت قرطبة عاصمة الدولة الأموية في إسبانيا وكانت معروفة في الشرق والغرب بثرائها وتطورها، كما عرفت فترة حكم المسلمين في إسبانيا بـ «العصر الذهبي» للعلم، إذ انتشرت المكتبات والمعاهد العلمية والحمامات العامة وازدهر الأدب والشعر والعمارة وأسهم المسلمون وغيرهم في هذه النهضة الثقافية.
كما وصف المؤرخون هذا الفترة أيضا بـ «العصر الذهبي» للتسامح الديني والعرقي بين المسلمين والمسيحيين واليهود.
استمر عبدالرحمن الداخل في الحكم حوالي 33 عامًا، أسس فيها دولة لها جيش قوي، ووضع كذلك نظام حكم واضح على رأسه الأمير ثم الحاجب، يليهما الوزراء والقضاة، وأنشأ أكبر مساجد قرطبة، فجعلها عاصمة للعلم تنافس عاصمة المنصور بغداد، فأخرج بذلك صراع الأمويين والعباسيين من الدم والسيف إلى العلم والمعرفة والفنون.
صفات عبد الرحمن الداخل:
كان عبد الرحمن الداخل قويًا حازمًا، راجح العقل، شديد الذكاء يعتبره البعض منقذ دولة الإسلام في الأندلس، حيث ساعد في استعادة قوتها بعدما كانت في حالة من الفساد والضعف، فلقبه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بـ “بصقر قريش”، مع أنه كان من المعادين له، طامعًا في ضم الأندلس للحكم العباسي.
وكان عبد الرحمن الداخل مجاهدًا عظيمًا، ومقاتلًا قويًا، حيث وقف ضد جميع الثورات التي ثارت على حكمه في الأندلس بالحِلم آنًا والقوةً آنًا آخر، ليعيد تأسيس واحدة من أقوى الدول في الإسلام، وهي الدولة الأموية في الأندلس، ويصفه ابن حيّان الأندلسي بقوله: “كان عبد الرحمن الداخل راجح العقل، راسخ الحلم، واسع العلم، ثاقب الفهم، كثير الحزم، نافذ العزم، بريئاً من العجز، سريع النهضة، متصل الحركة، لا يخلد إلى راحة، ولا يسكن إلى دعة، بعيد الغور، شديد الحدة، قليل الطمأنينة، بليغاً مفوهاً، شاعراً محسناً، سمحاً سخياً، طلق اللسان، وكان قد أعطي هيبة من وليه وعدوه، وكان يحضر الجنائز ويصلي عليها، ويصلي بالناس إذا كان حاضراً الجمعة والأعياد، ويخطب على المنبر، ويعود المرضى
إنجازات عبد الرحمن الداخل:
يعد عبد الرحمن الداخل وهو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان بن الحَكم بن أبي العاص، أول من أسس الدولة الأموية في الأندلس، بعد سقوط الدولة الأموية في دمشق بأيدي العباسيين وهروبه منهم إلى الأندلس، حيث ساهم في بنائها عسكريًا واهتم بعمرانها، وعلومها، ومن أشهر إنجازاته:
*بناء الجيش، حيث اشتهر جيشه بالقوة والبسالة، وساهم في تطويره ببناء دور للأسلحة، ومصانع لصنع المنجنيق.
*بناء الأسطول البحري.
*أولى التخطيط المالي عناية كبيرة، حيث كان يقسم الميزانية إلى 3 أقسام، قسم للجيش، وقسم لتطوير الدولة من عمارة ومؤن وغيرها، والقسم الآخر كان يدخره.
*اهتم بالعلوم والدين والعمارة والقضاء.
*بناء العديد من القلاع والحصون والقناطر.
*بناء الرصافة، وهي من الحدائق المشهورة في الإسلام.
*بناء دار لسك النقود.
*بناء الموانئ مثل ميناء طرطوشة، وميناء ألمرية، وميناء إشبيليّة، وغيرها.
*حماية حدوده من الأعداء، فقد عُرف عنه شدته وقوته ضد أعدائه.
وفاة عبد الرحمن الداخل:
توفي عبد الرحمن الداخل سنة 172 هـ، عن عمر يناهز الـ 58 سنة، ودفن في قرطبة، بعد أن حكم الأندلس 34 سنة، حيث حكم عبد الرحمن الداخل الأندلس منذ 138 هـ
حدث في مثل هذا اليوم أيضا:
*في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك لعام 665 هـ وكان يقابل الثالث من شهر حزيران للعام الميلادي 1267، بدأ حصار مدينة عكا، بقيادة الظاهر بيبرس.
*في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المُبارك لعام 907 هـ ولأول مرة يتعذر على المسلمين البرتغال الصيام بسبب الاضطهاد الديني، فقد صدر أمر من الكنيسة الكاثوليكية بمطاردة كل مسلم وإجباره على الإرتداد عن الإسلام، فتشتتى المسلمون في البقاع والجبال هرباً بدينهم وأرواحهم، وهجر بعضهم سراً إلى شمال أفريقيا.
*في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المُبارك لعام 1342 هـ المسلمون يصومن شهر رمضان دون خليفة لأول مرة، فمنذ وفاة الرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام) والدولة الإسلامية يحكمها خليفة يرعى شؤونها الدينية والسياسية