كرس فشل قمة القاهرة السلام ،وإصرار الغرب بشكل واضح علي القضاء علي حركة حماس وتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بضرورة تشكيل تحالف دولي ضد حماس ،وتكرار سيناريو داعش وفشل مجلس الأمن في تبني قرار بوقف إطلاق حالة من اليقين بأن الأمور تتجه للخروج عن السيطرة، وان عملية الاجتياح البري الإسرائيلي المؤيد امريكيا لقطاع غزة باتت الخيار الوحيد أمام نتنياهو ومجلس أمنه الوزارى المصغر.
وبات هناك يقين بأن الحرب البرية علي غزة والقضاء على حركة حماس ،وتأسيس نظام امني جديد في قطاع غزة يجعل تكرار سيناريو السابع من أكتوبر أمر مستحيلا هو ووجود الكيان سواء ،انطلاقا من أن هذا الطوفان شكل أكبر تحد للدولة العبرية منذ تأسيسها عام ١٩٤٨..فالكيان لم يتعرض مصيره لتهديد كهذا في حروبه الأربع مع الجيوش العربية، بشكل حول الصراع مع حماس لصراع وجودى.
وتظهر الحشود العسكرية الأمريكية في الخليج المتمثلة في وجود حاملتي الطائرات ايزنهاور وفورد ناهيك عن مشاركة ٢٠٠٠عنصر من قوات النخبة الأمريكية” الرنجيرز” ناهيك عن عدد من المخططين الاستراتيجيين الأمريكيين كيف يبدو الإصرار الأمريكي واضحا علي الانخراط في الحرب بشكل مباشر، وان واشنطن تفكر بشكل واضح ان تخوض مع الكيان الصهيوني جولة حاسمة مع حركة حماس ،بشكل خاص والمقاومة الفلسطينية بشكل عام.
حرب واشنطن علي المقاومة
ما يعزز هذه الفرضية إعلان واشنطن أنها بصدد القيام بخطط لإجلاء ٦٣٠ الف أمريكي من دول المنطقة، وهو ما يوضح عزمها خوض المواجهة مع حماس ،وحتي مع ما تسميهم وكلاء إيران في المنطقة وظهرها مؤمن لدرجة ان مصادر رفيعة المستوي ربطت بين تقديم واشنطن نصيحة لتل أبيب بتأخير العملية البرية ضد قوات حماس في غزة ،لإعطاء الفرصة للجهود الدبلوماسية للإفراج عن أكبر عدد من الرهائن باعتبار أن إطلاق العملية حاليا يعتبر حكما بالإعدام علي اكثر من ٣٠٠رهينة تحتفظ بهم المقاومة الفلسطينية حتي الآن
ولكن بقدر ما ظهر التأييد الأمريكي الواضح للكيان الصهيوني وغير المسبوق بقدر ما اظهر حالة من الاهتراء السياسى والعسكريى للدولة العبرية ،بشكل بدا معها الجيش الصهيونى عاجزا عن القيام وحده باقتحام غزة بريا ،وهو ما ظهر بوضوح لحالات التمرد غير المسبوقة وهروب الجنود من الخدمة وتحذير عدد من جنرالات الاحتياط في غزة من خطورة الاجتياح البري لغزة.
: ولعل هذه المعطيات هي ما تفسر تردد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في اتخاذ قرار اجتياح غزة بريا وتعاطيه الإيجابي مع كل النصائح التي توجه له بالتريث الصعوبة المواجهة العسكرية مع حماس في ظل عدم امتلاك معلومات استخباراتية حول كم الانفاق التي امنتها المقاومة في غزة واحتمالات حدوث انتكاسة للعملية العسكرية قد تضيع مستقبله السياسي وتضع مصير الدولة العبرية علي المحك.
فيما يطرح البعض تصورا مفاده أن نتنياهو يريد من وراء التباطؤ في اتخاذ قرار الحرب البرية تأجيل محاكمته ومحاسبته وإخراجه من المشهد السياسى في ظل حالة الغضب التي تسود الصهاينة حكومة وشعبا من ممارساته التي قمست المجتمع وفتح الباب أمام الضربة غير المسبوقة التي وجهتها المقاومة داخل العمق الصهيونى بل أنه يمعن في استهداف المدنيين وإيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوفهم لعله يسترجع شيئا من آلة الردع الإسرائيلية التي تهاوت وذهبت لغير رجعة بحسب العديد من المراقبين .
: بالقدر الذي تبدو معه الدولة العبرية مصرة علي القيام بالحرب البرية علي غزة والقضاء علي حركة حماس وقوتها العسكرية بقدر ما شكلت التطورات الأخيرة انتكاسة لقنوات الحوار الدبلوماسية لتسوية الأزمة وهو ما ظهر بحالة السكتة الدماغية التي أصابت الاتصالات بين مصر والعواصم الغربية
وكيف بدا أن هناك تجاهلا عربيا عاما وأمريكا خاصا لدور القاهرة بعد رفضها بشكل واضح للمشروع الأمريكي لتوطين الفلسطينيين في سينا وكيف أسهم هذا الرفض في إفشال قمة القاهرة وغض الغرب الطرف عن جرائم الاحتلال في غزة وقيامه عن طريق الخطأ كما يدعي بقصف برج مراقبة مصري في معبر رفح رغم اعتذاره اللاحق وكأنه يوجه رسالة سخرية للنظام المصرى .
توسيع رقعة الصراع
لكن من المهم هنا التأكيد علي أن تصاعد الإجرام الصهيوني بحق الفلسطينيين في غزة ،وتراجع القنوات الدبلوماسية وتزايد احتمالات القيام الاجتياح غزة بريا ،لن يكتب وحده مصير المعركة لاسيما أن اندلاع هذه المواجهة سيفتح الباب أمام موجة من مهاجمة المصالح العربية في المنطقة فضلا عن احتمالات توسع رقعة المعركة، ناهيك عن أن صمود المقاومة رغم موقفها الصعب قد يقلب الأمور رأسا علي عقب ،وهو صمود سيخرج الكيان الصهيوني والغرب من الصراع خاسرين وسيخرج نتنياهو وبايدن من المشهد السياسي الي غير راجعة.
.نستخلص من كل هذه التطورات ان الطابع الوجودي الصراع بين الكيان وحماس لن تتوقف تداعياتها علي الطرفين بل يهدد باتساع رقعة الصراع انطلاقا من القاهرة لن تبدو سعيدة باقتحام إسرائيل للقطاع وأخبار الفلسطينيين علي النزوح بسيناء وكذلك فإن إيران لن تقبل بالقضاء علي أهم حلفائه الإقليميين “المقاومة ” وحرمانها من ورقة مهمة في ساحة المواجهة مع الغرب بشكل يؤكد أننا قدمون علي صراع وطويل واسع الرقعة سيعيد تخطيط المنطقة بشكل جديد ويرسم حدود معادلة جديد قد لا تسر تل أبيب وحلفاءها الغربيين.