اندلع مساء أمس الإثنين، حريق هائل داخل مبنى سنترال رمسيس التاريخي، أحد أهم مراكز الاتصالات في مصر، وخلال لحظات، تحوّل المبنى العريق إلى بؤرة طوارئ، بعدما غطى الدخان الكثيف سماء القاهرة، واستنفرت الأجهزة المعنية لتطويق النيران وإنقاذ موظفي المبنى.
مشاهد الهلع كانت حاضرة، والصدمة سرعان ما انتقلت من موقع الحريق إلى مفاصل حيوية في الدولة، بعدما تسببت النيران في تعطيل خدمات الإنترنت والاتصالات، وأربكت البورصة، وأثّرت على عمل البنوك والمطارات.
بدورها، أعلنت وزارة الصحة في مصر، انتشال 4 جثامين في حادث حريق سنترال رمسيس بوسط البلد.
وبحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط، فإن عدد المصابين الذين تم نقلهم إلى المستشفيات بلغ 27 مصابًا، فيما تم تقديم خدمات إسعافية لحالات اختناق دون الحاجة إلى النقل.
وتواصل الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة، إجراء عمليات التبريد داخل مبنى السنترال، لضمان عدم اشتعال النيران مرة أخرى.
وتمكن رجال الحماية المدنية صباح اليوم من السيطرة على الحريق، لكن إجراءات التبريد مستمرة، ومن المقرر أن تباشر فرق التحقيق عملها، للوقوف على أسباب الحريق، وحجم الخسائر التي نجمت عنه.
ويعد سنترال رمسيس أحد أهم مراكز الاتصالات والإنترنت في مصر، وافتُتح عام 1927، ويُعد منشأة استراتيجية في البنية التحتية للاتصالات على المستوى القومي، حسبما أفاد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري.
وقبل قليل، قال وزير الاتصالات في مصر، عمرو طلعت، خلال جولة تفقدية بموقع حادث حريق سنترال رمسيس، إن السنترال سيظل خارج الخدمة لأيام.
وأشار وزير الاتصالات إلى أن الخدمات ستعود بشكل تدريجي خلال 24 ساعة بعد نقل الخدمات إلى أكثر من سنترال آخر.
وأضاف الوزير المصري، أنه تم الانتقال إلى الشبكة البديلة، وتمت استعادة الخدمات الحيوية مثل أرقام الطوارئ كالإسعاف والمطافي والنجدة والخدمات المالية للبنوك، لكن الشركات المحيطة بالسنترال ستظل خارج الخدمة طوال اليوم.
ووفقا لمراقبين فإن حادث حريق سنترال رمسيس بوسط القاهرة، أصاب خدمات الانترنت والمحمول في كافة أنحاء مصر بشلل تام، ما أثر بالسلب أيضا على الخدمات المالية كالبورصة والبنوك وماكينات الـATM وشركات الأوراق المالية، وخدمات فودافون كاش وغيرها، ما يعني شلل مصر اقتصاديا بشكل شبه كلي.
كما أعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر عن تعطل مؤقت في منظومة حجز تذاكر القطارات على مستوى الجمهورية، نتيجة تأثر الشبكة التابعة للشركة المصرية للاتصالات.
وبشكل استثنائي، قرر البنك المركزي المصري زيادة الحد الأقصى اليومي لعمليات السحب النقدي بالعملة المحلية من البنوك إلى 500 ألف جنيه للأفراد والشركات بدلاً من 250 ألف جنيه، وذلك بشكل مؤقت لحين عودة الاتصالات إلى طبيعتها بشكل كامل.
وتساءل المراقبون بدورهم :” أين الخطط البديلة وكيف لدولة بحجم مصر تكتشف فجأءة أن زمام أمورها كلها متعلقة بمبنى؟!
ويحتوى سنترال رمسيس على أكبر غرف الربط البيني (Interconnection Rooms) في مصر، ويُستخدم من قِبَل كبرى شركات الاتصالات ويُعالج نحو 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية في مصر، من خلال شبكات الخطوط الأرضية والألياف الضوئية، كما يضم مفاتيح تحويل مركزية (Core Switches) لمعالجة المكالمات وربط الشبكات العالمية.
من جهتها قررت البورصة المصرية تعليق التداول اليوم الثلاثاء، في ضوء المستجدات الأخيرة بشأن تعطل الخدمات الرقمية نتيجة لحريق سنترال رمسيس الذي اندلع يوم أمس الإثنين.
وأكدت أن القرار جاء على الرغم من المحاولات المستمرة والجهود الكبيرة من كافة الأطراف لتهيئة بيئة مناسبة للتداول، وأن تتمكن شركات السمسرة من التواصل بالكفاءة المطلوبة مع كافة أطراف منظومة التداول.
كما أكدت أن القرار جاء حرصا من البورصة المصرية على مصالح كافة الأطراف وعلى تكافؤ الفرص بين المتعاملين.
ولم يتوقف الأمر عند تعطل الخدمات المالية فحسب، بل تعطلت أيضا خدمات صرف رغيف الخبز المدعم على بطاقات التموين، بعد توقف ماكينات بطاقات الأفراد، فضلا عن تعطل صرف الأسمدة المخصصة للمزارعين في الجمعيات الزراعية لتوقف أجهزة التابلت الذي يكشف عن حيازات المزارعين والرصيد المسموح به لكل حيازة زراعية.
ووفقا للمراقبين فحتى الآن لم تخرج إحصائية حكومية تقول حجم الضرر المباشر والغير مباشر جراء هذا الحريق لكنها ستتخطى بالطبع (مليارات الجنيهات) فمن سيحاسب على هذه الفاتورة؟ الشعب أم الحكومة!.