في العشرين من يونيو عام 1981، شهدت إيران لحظةً تاريخيةً حاسمة، حيث انطلقت شرارة المقاومة المنظمة ضد ديكتاتورية ولاية الفقيه. لم تكن تلك اللحظة مجرد احتجاج عابر، بل كانت بداية نضالٍ شعبيٍّ عميق، تجذّر عبر عقودٍ من القمع والتضحيات. لقد رفض الشعب الإيراني، بإرادةٍ صلبة، الخضوع للظلم، سواء تحت حكم الشاه أو سلطة الملالي، معلناً تمسّكه بالحرية والعدالة.
على مدار أكثر من قرن، تحمّل الإيرانيون ويلات الاستبداد بأشكاله المختلفة. منذ انتفاضات الحركة الدستورية في مطلع القرن العشرين، مروراً بالانقلابات السياسية والتحديات الاجتماعية، وقف الشعب الإيراني في وجه الظلم. وبعد ثورة 1979، التي استولى خلالها الملالي على السلطة، تفاقم القمع تحت شعارات دينية زائفة. لكن الشعب لم يستسلم، بل نهض عبر انتفاضاتٍ متتالية، دفع خلالها أثماناً باهظةً من الدماء والمعاناة.
إن اقتراح وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب يُعدّ خطوةً متقدّمة نحو الحلّ الثالث: لا للحرب، لا للاسترضاء. دعوا الشعب الإيراني بنفسه يُسقط خامنئي ودكتاتورية ولاية الفقيه في هذه الحرب المصيرية. لقد رفض الشعب الإيراني، من خلال نضاله الممتدّ منذ قرن من الزمان، وبثمنٍ باهظٍ من الدماء والانتفاضات المتكرّرة، ديكتاتوريتي الشاه والملالي على حدٍّ سواء. أكرر بأننا نريد إقامة جمهورية ديمقراطية خالية من الأسلحة النووية، تقوم على فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين المرأة والرجل، والحكم الذاتي للقوميات في إيران. هذا هو الطريق لتحقيق السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، والاستقرار، والبناء، والصداقة، والتعاون، والتنمية الاقتصادية في المنطقة والعالم.
لقد تجاوزت المقاومة الإيرانية الحدود الوطنية لتصبح رمزاً للنضال ضد الاستبداد في المنطقة. حظيت هذه المقاومة باهتمامٍ واسعٍ من وسائل الإعلام العربية، التي رصدت انتهاكات النظام المستمرة لحقوق الإنسان. فقد كشفت التقارير عن معاناة النشطاء السياسيين والمدافعين عن الحريات، الذين يواجهون السجن والتعذيب، فيما يواصل النظام دعم الجماعات المتطرفة وتصدير الإرهاب إلى دول الجوار. هذا السلوك أثار استنكاراً دولياً، وأبرز الحاجة الملحّة لدعم الشعب الإيراني في نضاله.
إن الرؤية التي تقود هذا النضال تتمحور حول بناء إيران ديمقراطية، خالية من الأسلحة النووية، تقوم على مبادئ العدالة والمساواة. إنها إيران تحتضن التنوع العرقي والثقافي، وتضمن الحكم الذاتي للقوميات، وتعزز فصل الدين عن الدولة. إنها إيران تسعى للسلام مع جيرانها، وتسهم في استقرار المنطقة عبر التعاون الاقتصادي والسياسي.
إن هدنة الأمس تمثل فرصةً ذهبيةً لتجديد الدعوة إلى دعم الشعب الإيراني. إن إسقاط نظام الملالي ليس فقط مصلحة إيرانية، بل ضرورة إقليمية وعالمية. إن المجتمع الدولي مدعوٌّ للوقوف إلى جانب هذا الشعب في سعيه للحرية، والمساهمة في بناء مستقبلٍ يسوده السلام والازدهار.