حشاني زغيدي يكتب: إلى رواد المشاريع


وأنا أتابع تطلعات شبابنا وبعض نخبنا الذين يحلمون بصناعة غد مشرق لأوطانهم، يحلمون تحريك عجلة التنمية المستدامة في أوطانهم مثل الذي تنعم بها البلدان المتقدمة، وهذا حلم مشروع بل واجب العمل على تحقيقه، أعلم أن هذا الحلم برامجه معلومة، لكن طرائق الوصول لتحقيق هي المشكلة.
وإذا حاولنا وضع أيدينا على العقبات التي تحول دون تنفيذ هذه البرامج، وجدنا أن المشكلة تنحصر في عدم استغلال الموارد البشرية المتاحة والمؤهلة لتنفيذ هذه البرامج الطموحة.
عن نفسي وربما يشاركني الكثير من أصحاب الرأي والدراية إن نجاح أي مشروع مرهون بمجملة مفاتيح نجاح، أغلبها تتعلق بالإنسان صانع المشاريع. وقد حاولت حصرها في نقاط محددة أوضحها كالتالي:
أولها إخلاص نية:
إن عنصر الإخلاص يعد حجر الأساس لكل مشروع، بل هو مدخل للأعمال الصالحة ذات النفع العام، وفي ثقافتنا عدّ إخلاص شرطًا أساسيًا لقبول الأعمال عند الله.
يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” (رواه البخاري ومسلم
ثانيها نبل المقاصد:
عدّ المقصد والهدف في البرامج والمشاريع في جميع مناحي التنمية تربوية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية،
فالأهداف هي من أولويات في صناعة المشاريع والبرامج، وأن إحاطة صاحب المشروع بأهداف مشروعه جد مهمة،
بل لا يمكن السعي لتحقيق أهداف سامية ونبيلة دون تحري الوسائل المادية المساعدة في نبل مقاصدها أن تكون مشروعة وأخلاقية.
وأن تكون الأهداف واضحة قابلة للتحقيق، ترافقها رؤية استشراف تواكب المستجدات،
ولعل الكثير وجدناه يهمل الصدق والنزاهة والالتزام الخلقي،
الذي يشفي على المشروع النزاهة والوفاء في تنفيذ المشروع بمقاييس القانونية.
ثالثها رجال عفاف:
يفترض أن يتولى المشاريع رجال عفاف، تتوفر فيه طهارة اليد والنزاهة وعدم الخيانة، والمؤسف أن هذا المقياس قل توفره في بعض من يتولون المشاريع،
والذي نجم عنه إخفاقات كبيرة في مشاريع التنمية المستدامة في كثير الدول والمؤسسات الخاصة،
فعنصر الطهارة، قد يحصره البعض إلا في الأمور الدينية بالابتعاد عن المحرمات والشهوات.
وهذا فهم به شطط وخلط كبير، إذ يُعتبر العفاف من القيم الإنسانية والأخلاقية العليا، التي تسعد البشرية لو حافظت عليه في تعاملها.
رابعها توفر العزم والهمة العالية:
وهذا شرط مهم للغاية، فقد وجدنا الكثير من البرامج متعثرة أو متوقفة أو التي تراوح مكانها،
والسبب يعود في الغالب لضعف القائد الذي يفرض أن تتوفر في شخصيته العزم والهمة العالية،
فالواحد الضعيف والتساهل والخمول لا يحق أن تسند له مهام التنفيذ لضعف شخصيته،
ولهذا الهمة والعزيمة شرط أساس في من يقود المشاريع الرائدة،
بل هو مفتاح النجاح في العديد من جوانب الحياة. فإذا فقد في شخص من يتولى المشاريع القوة الإرادة والقوة
التي تدفعه لتحقيق أهدافه، في غياب هذه السمة مشكلة عويصة.
فالأشخاص أصحاب الهمة هم الأقدار على التغلب على الصعاب والمعوقات التي تواجه المشاريع،
بل هم الأقدار على تحقيق قفزات نوعية رائدة في سلم النجاح،
لهذا لا نعجب حين يكون التوجيه القرآني واضحا في اختيار من يتولى قيادة المشاريع على لسان ابنة نبينا شعيبا
التي حددت شرطين أساسيين في من يتولى قيادة العمل على لسان القرآن الكريم:
﴿قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين﴾
[سورة القصص: 26]
بالعزم والهمة العالية غالبًا ما نكون قادرين على التغلب على التحديات والصعوبات، تحقق من خلالها إنجازات كبيرة على مستوى الحياة الشخصية والمهنية.
ويقوي العزم والهمة العالية وضوح الرؤية، والحرص التفاني، والصبر في تنفيذ المهمات.
فإذا انعدَمت هذه العناصر، فقل للمشاريع بالسلامة.
وأحسب أن هذه العناصر الَمذكورة صعب تحصيلها؛ مع أن طلبها ليس مستحيلا،
إذا أخلصت النيات وتوحدت أهداف أصحاب المقاصد، وتوفر العزم والجد لدى أصحاب المشاريع.