أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: الصمت البخيل

البعض يرى الصمت عن الكلام فضيلة، بل يعده البعض صفة للرزانة والعقل، والبعض الآخر يجعله باب من أبواب الحكمة التي يتميز بها الفطناء.

لكن قليل الصمت نحتاجه في بعض مواضعه، في موازين الترجيح، وفي اتخاذ المواقف والأحكام التي تطلب التروي ونحتاجه حين أخذ الوقت في تدوير الآراء في المسائل الصعبة والمصيرية، فتلك المهلة ضرورة ومطلوبة لاتخاذ القرارات الصائبة، كل ذلك لا مندوحة فيه.

لكن الذي يحتاج منا وقفة تأمل ما اصطلحت عليه الصمت البخيل، حين تحبس أنفاس التعبير في أوقات الحاجة الملحة، حين يكون للكلمة أثرها في النفع العام، وحين يكون للكلمة دور في دفع مضرة عارضة، أو تخفيف معاناة، فهنا يصدق في هذا المقام تلك المقولة أن الصمت شيطان أخرس.

إن صور البخل يتعدى في مفهومها السطحي منع المعروف للمحتاجين إليه، بدافع الحرص والخوف من ضيق الحال، في حبس المرء ما بيده عن الآخرين ظنا منه أن ماله وحاجته، تتضرر حين تصرف لفك ضيق أو تفريج كربة، وحال الصامت البخيل نفسه أذا حبس الصدع بالحق عن نصرة مظلوم أو فك ضيق عن عان وقع في قهر ظالم.

أصبح اليوم الجميع يمارس لعبة الصمت البخيل، ونحن نرى ونبصر ما يحاك لأمة ممزقة ينهشها

القريب والبعيد، أصبحنا لا يزعجنا أن نقول للمعتدي كفى ظلما، أصبحنا لا نستطيع قول كلمة لا للمحتل الظالم، يعيث في الأرض فساد.

وخلاصة القول أن حاجة الأمة لنصرة المستضعفين، بحاجة لنصرة المظلوم، ننصره ولو بكلمة حق و هو أقل الواجب، بل ما تحتاجه البشرية في قضاياها العادلة، حيث أن نصرة المظلوم من الصفات الحميدة الإنسانية، يصدق العقلاء حتى لا يتوهم الظالم أنّه على حق، وأنّ ظلمه مشروع، فعلى عقلاء العالم أن يقولوا كلمة واحدة، أوقفوا حربكم الظالمة و كفوا أيديكم على المستضعفين في فلسطين الجريحة.

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى