الأثنين مايو 20, 2024
أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: المأساة الإنسانية في ظل ازدواجية التعامل

المجتمع الإنساني لم يعد يفقه مدلول الإنسانية، حين ذابت المعاني في القاموس، تشوهت مدلولها، فأضحى التفريق بين الأجناس والأضداد صعب المنال، أصبح التفريق صعب بين الجلاد والضحية، ما عاد الفهم يستوعب حين نحاكي بين التهجير والإبعاد والسلب والنهب في لغة تنافق المعاني.

أصبح القاموس يؤاخي بين مستعمر ومستضمر، يؤاخي بينهم بينما المعنى مختلف، حينها تحبس الأنفاس في الزوايا الحادة، حين نساوي بين أعزل يقاوم للدفع الضيم ولقهر والجوع.، وبين جاني معتد يدوس على الرقاب، يعدم الأنفاس بلا قيد، يحاكم المظلوم بقوانين عرفية، وهي معايير معكوسة في قوانين التعامل الإنساني.

 فالحقوق الإنسانية ترفض التمييز بين المكونات المختلفة بمغيار الجنس والعرق والدين، فالإبادة محرمة بكل أشكالها، وانتهاك كرامة الإنسان محرمة بكل أشكالها، والتطهير العرقي محرم بكل أشكاله، فمبدأ المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية واحد يمنع التعامل بازدواجية، وجميعها في عرف التعامل الإنساني مرفوضة.

فكيف يعقل أن يحاضر فصيل من المجتمع الإنساني ويجوع ويقتل، وتهدم معابده ودوره ومدارسه ومستشفياته، ويقتل شيوخه وأطفاله ونساؤه! أتساءل كيف تسمح لهم إنسانيتهم التعامل بهذه الازدواجية المحرمة في جميع المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، أن هذا التعامل فيه شرخ وخروج واضح.

إن المعايير التي تحفى بالحيوان وتعدم حق الإنسان، في نظري إنسانية عرجاء، وأن المعايير التي تفضل المرآة عن الرجل أو العكس معايير عرجاء غير سوية، وأن المعايير التي تحاكم المظهر والزي والصورة والجسم بل تحاكم عادات وقيم مجتمع ما، بدعوى التقدم أو التخلف، حقيق أن تعاد تصويب نظراتها وأفهامها، لأنها ببساطة تكيل بمكيلين مختلفين.

وأن تغيير هذه الازدواجية في التعامل، يبدأ حين ينتشر الوعي بهذه المخاطر، ببناء منظومة قيمية سليمة، تنتصر فيها روح الإنسانية، فتكون هذه المعاني قيم يحيا بها الجميع، ثم تحصن هذه القيم بقوانين صارمة تنتصر للمظلوم أيا كان جنسه أو انتماؤه، وأن ينتصر المجتمع الإنساني للقضايا العادلة بالدعم والمساندة والتأييد والمناصرة، وهذا واجب إنساني يفرض أن يدعمه الأحرار في المجتمع الإنساني.

Please follow and like us:
حشاني زغيدي
مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب