أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: بين عالم الأفكار وعالم الأشخاص

في صبيحة مقمرة، في صفاء يومها المزهر، تدفق حبل أفكاري أنهارا متدفقة، فحملت نفسي أبحث عن ريشتي، أبحث عن أسفاري، لأدون خواطري العابرة، أسجل رؤوس أقلامها كي لا تضيع مني معانيها الثائرة.

وأنا على حالي وسرح بالي، ورد بمخيلتي طيف مزعج (حدث داخلي) ينهرني يسر لي بكلمات مهموسة، كأنه يبلغ رسالة عاجلة تعودت سماعها من هنا وهناك مضمونها واحد.

عدت أدراجي أراجع مضمون أفكاري، أدقق معانيها ربما تخالف دفتر شروط العرض، فقد تعودت مراجعة دفاتر عرض الصفقات المالية حين كنت موظفا حكوميا، وما أصعبها مهمة! حين أحمل قلم المراجعة الأحمر أهذب أفكاري الثائرة، أراجع طيف كل فكرة عابرة، أراجع طيف كل فكرة حرة، فلربما تنغص هدوء بال شخص شارد، أو تعارض متعصبا ولع تدجين أفكار الهواة، أقلم خواطر وافدة بمقص فلاح دأب يقلّم الأغصان والأوراق، حتى باتت خواطري الشاردة بلا محتوى، بلا مضمون، باتت تلعني في واضحة النهار.

تقول في دهشة، لست أنت، ليتني ما عبرت مخيلتك، فقد كنت أفكارا حرة تسرح بحرية في الأفاق، فلما أنزلتني في خلد مدجن الأفكار ومرودها، كبلتها قيودهم المفروضة.

قلت في نفسي عجبا حتى طيف الأفكار الحرة ترفض الأسر والسجن، ترفض الحجر، ترفض السجن لأنها ولدت حرة.

المفيد في الخاطرة على المرء أن يكون صادقا في معاملاته، يكون صادقا مع أفكاره، يجسد أفكاره التي يؤمن يصدقها في واقعه، ليكون صورة صادقة غير مشوهة، يمرن نفسه أن يدور مع الحق حيث دار ولعل ذلك ما كان يقصده سيدنا علي رضى الله عنه بقوله: (لا تعرفوا الحق بالرجال أعرفوا الحق تعرفوا أهله).

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى