حلمي أن أرى مدينتي أجمل…
أسقي أشجارها بيدي، وأدهن جدرانها التي لَفَّها الغبار، وأن أُعيد لها بهاءها كما كانت زمن الصفاء.
فأزرع في كل ركن من أزقتها مساحة خضراء، لا لتُبهج النظر فقط، بل لتعيد الطمأنينة إلى القلب المجروح.
مدينتي في عيني عروس البلدان، تحمل الجمال في كل تفاصيلها، وتباهي المدن بعطر ترابها وصدق ملامحها.
لا تلمني فإني أشتاق إلى بسمتي القديمة، أشتاق لبسمة عشتها في أيام زهوها…
بسمة عشتها في عروضها الثقافية في أعراس أعيادها، التي كانت تزرع الوعي بقامات تزين مدرجات قاعتها علما وثقافة وفنا أصيلا. نعم هي شموع ألفت مدينتي احتواءهم في حضنها، تغنوا بجمالها ورسوخ تاريخها الممتد عبر الزمن. تلكم أعياد مدينتي التي كانت تلمّ الشمل، تجمع الشتات.
واليوم تستحضر مواكب أعراسها في شريط ذهني المزين برقصات خيولها، والمدوية بطلقات بارودها التي كانت تعلن الفرح بطريقتها الأصيلة. كان يحضر أفراحها شيب وشبان.
يومها كانت لمدينتي أسواق تعرض فيها غلة فلاحيها، غلة تسلب الأنظار ببساطتها وغناها… مشمش، وتين ورمان، ناهيك عن ثمر دقلة نورها التي تعبر الأوطان تحمل شارات الوطن.
مدينتي الأجمل بعاداتها الأصيلة: كرم، وجود، نخوة، وحرمة.
فيها كان الإنسان يحترم المكان، وكانت للمدينة شخصية وهوية، ودفء لا يُشترى.
أقول بكل فخر، مدينتي ستظل الأجمل…
وما زلت أراها في عيوني كماسة ثمينة لا تشترى، فسوف تظل أجمل.
قد يبحث غيري عن الحنين والشوق لأيام خوالي، لكني أؤمن أن جمالها سيتجدد ويُستعاد،
إذا كنا نعبر عن حبها الصادق، فحبها يُترجم إلى يد تغرس، وطلاء يُجدد، وخطوة تحفظ حرمة الطريق.
مدينتي تسكنني…
أهتز إن رأيت فيها ما لا يليق، أتألّم، لكنّ بها السكون يزداد وبنمو.
فهي مرآتي، وبقايا صباي، ونبض انتمائي.