حشاني زغيدي يكتب: سعادتنا اختيارنا
شئنا أم أبينا، أن الحياة لا تخلو من غاية وهدف، أيا كان هذا الهدف، فقد يكون الهدف صغيرا وهذا اختيار، وقد نختار أهدافا كبيرة وهذا اختيار، فمنا من يختار حياة الراحة والاستجمام والترف، فيعيش حياة مولعة بالمتعة، ومنا من يختار حياة التعب وتسلق الصّعاب، لا يختارها تعذيبا للنفس إنّما يختارها عن قصد، سيرا على دروب من ساروا في طريق النجاح.
هذه هي الحياة نجني ثمارها باختيارنا، نجني محصولها بإرادتنا، فالواحد منا يصنع سعادته أو تعاسته باختياره، فلا أحد يجبرنا أن نسير في طريق الضّياع أو التيه، فلو قررنا أن نسلك طريق السعادة، فسنسلكها حتما بتوفيق الله وعونه، فمن يختار السير في طريق الوحل وطمي الطين فسوف يسيرها باختياره، فلا يلوم أحدا إن اتسخت ثيابه وتبللت، ولا يلوم أحدا إن خالف قواعد السلامة والأمن بقصده، فتعرض لمكروه أو أصابه ضرر، فما جناته، ثمرة غرسه، وصناعة يديه.
فما تعلمناه في حياة التربية أن البدايات الصحيحة تقودنا حتما لنهايات صحيحة، فسلامة البدء تقود لنهايات الصحيحة، فإن صحت البداية كان التوفيق حليف من سار على الدرب، كما جاء في الأمثال العربية (من سار على الدرب وصل).
يقول الله تعالى في القرءان الكريم ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ سورة النازعات…
فإن أخذ زمام المبادرة لقيادة أنفسنا لطريق السّعادة أمر ضروري، فنأخذ المبادرة لاختيار المبدأ الصحيح الذي نسعد به في حياتنا الأولى والآخرة بعد توفيق الله لنا.
وأن نأخذ المبادرة فنختار الرفيق الذي يشاركنا حياتنا، ونأخذ المبادرة فنختار الصديق والزوج، فنختار الصديق الوفي والزوج الصالح، والصاحب المؤتمن، وقبله نأخذ زمام المبادرة فنختار الطريق الذي يوصلنا لبر الأمان والسعادة الدائمة وذاك اختيارنا.
فإن اختار المرء طريقا غير طريق الله، فقد اختار طريق الشقاء والتعاسة والتعب والقلق، فقد اختار طريقا بعيدا عن الاستقرار والطمأنينة، فالسعادة الحقيقية أن ننحاز بطوعنا للأمان والسكينة والدعة وراحة البال.
يقول المولى عز وجل في ذلك:
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ٰ﴾
[طه: 124]