حشاني زغيدي يكتب: صناعة التميز
لك في هذا العالم حيز يحتويك، يحتوي افراحك وأحزانك، يحتوي آمالك، تسكن في عالما لا مكان فيه للضعفاء، عالم يحتضن الأقوياء، وحضن كل واحد منا ما اجتهد، حظ كل واحد منا سعيه وجدّه، وسوى ذلك هباء، فالوزن له عيارات خاصة، مؤشره معيار الجودة وإتقان الأداء، فحاول أن تكون مميزا دائما.
لعل من أخص الصفات التي تجمّل الشخصية، وتضفي لها صفة التميز، الثقة بالنفس، نفس لا تهزها المظاهر الكاذبة، ولا تغريها النياشين والرتب، كونها تملك نفس متزنة، تعرف حجمها، فلا تستعير صفات خارجية لتكمل نقصها.
وما يزيد النفس قوة وثقة، أنها تأخذ بأسباب قوتها، فتكون القوة الأولى، أنها تستمد قوتها من معين التربية الأول، فيكون الله مصدر قوتها، ومصدر عزتها، ومنه سبحانه تستمد الثقة التي لا يخيب معها الرجاء.
وتتعزز هذه الثقة بكفاءة الأداء، وبحسن التحكم في إدارة وظائفها، فتبدل النفس الوسع الذي تطيقه وتتحمله، فلا تلجأ للمغامرة التي يلجأ إليها ضعاف النفوس، فالشخص الواثق من نفسه، يقدم على المهمات وهو يملك مفاتيح ألغازها.
وما يجعل الأشخاص أكثر تميزا، امتلاك شخصية قيادية، تمتلك القدرة على فهم كينونة الحياة، تملك القدرة على احتواء الآخر بقوة الحجّة، والمقدرة على التحاور، لها القدرة على حسن التصرف، لها المقدرة على كسب الخصوم بالإقناع، دون الفرض القسري الذي يسلكه المتعصبون، الذين لا سلطان لهم سوى ليّ الذراع، وكسر الأضلاع، فصناع التميز يعرفون حدودهم وحدود أين تنتهي حريتهم.
وما يجعل الناجحون أكثر تميزا، قدرتهم على التعلم باستكمال النقص المعرفي، فهم في تكوين مستمر، لا تقيدهم مقاعد الدراسة أو الفصول الدراسية، كما لا تقيدهم نيل أعلى الشهادات العلمية المضي لنيل شغف العلم والمعرفة، فهم دائما عينهم ترصد أخبار العلم، ترصد جديد المعرفة، وهذا السر يغفل عنه الكثير من الأكاديميين والأساتذة، حيث تنتهي محطة البحث والتعلم عندهم عند نيل الشهادة وهذا خطأ كبير.
وفي آخر مقالي من الخطأ عبور الكرام على نجاحات المتميزين في شتى دروب النجاحات، فما تقدم عالم وتأخر عالم، إلا بسوء التقدير ومحاولة القفز على الحقائق، وحقيقة الكون لا تحابي أحدا، ولا تجامل أحدا، فلا نلوم غيرنا فنحن من يصنع الخيبات، ونحن من يصنع الهزائم.