أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: قيمتك بما تنتج

مخبر الحياة يظهر لنا الغث من السمين، يظهر لنا الجمال والقبح، يخرج لنا من صنائع المواقف أعجبه، أتخيله مصنع يخرج من المعادن سبائك نفيسة القيمة، بديعة الصنع، فتقول هذا صانع بارع، وهذا عامل متقن، وحكمنا إنما بنيناه على قيمة ما أنتجه هذا أو ذاك.

وفي السياق نفسه نصدر أحكامنا على قيمة منتجات لم تستوفي تقييس الجودة، فنحكم أن هذا المنتج رديء، قليل الفائدة، غير صالح للاستغلال، كونه معدوم الفائدة، وهذا القياس في عالم المادة والأشياء، فما بالنا أو أصدرنا أحكامنا على فضائل الأعمال الإنسانية، فإن القياس لا يختلف، فقيمة أعمالنا توزن بمعيار قيمة ما ننتج.

فرق بيّن بين من يعيش لنفسه، وواحد يعيش ليسعد غيره، فرق بين من يعيش يحرس ويبني، ومن حرفته الهدم والتدمير، فرق كبير من يزرع الحياة، ومن يعدمها، فرق بين من يقدم إضافة في الصرح، وبين من ينقض الغزل، إن نماذج هؤلاء في حياتنا كثير، بل أن نماذجهم في التاريخ معروفة، فواحد أنار الدرب بمصباح، وأخر صنع من المادة أداة فناء، وواحد بنى حضارة وآخر أسقط حضارة، وواحد ألف الكتب، وآخر أحرق الكتب، إن التاريخ سجل أسماء الباني، و سجل في صفحاته أسماء الهادم.

لنا أن نبحث في صفحات التاريخ المشرف نجد أسماء كثيرة تركت بصمتها شاهدة بعظمة المنتج المقدم خدمة لإسعاد البشرية، فكانوا حقا منارات حق للإنسانية أن تفخر بهم، أسهموا في مجالات كثيرة وفي جميع المنافع سواء كانوا عربا أو عجما، جميعهم قدموا خدمات عظيمة.

وهنا نقف وقفة تأمل وتقييم، أن الأمة التي يكتب لها أحقية الحضور والشهادة، هي الأمة التي قدمت الأثر الإيجابي، الذي يثبت لها أحقية الاستمرار لنيل الأستاذية وحق التمثيل، أما دونهم فحقهم أن يكونوا خدما للأسياد، وأن يكونوا في ذيل القافلة.

ولعلّي أجمل خلاصة مقالي في الأية الكريمة التي تحدد ملامح الأمة السيدة الرائدة.

 قوله تعالى:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾

[ سورة آل عمران : 110]

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights