حشاني زغيدي يكتب: لا تستوي عند الله
مَهْمَا حَاوَلْتُ اَلْقِيَاسَ، وَحَاوَلْتُ اَلتَّقْرِيبَ، فَإِنِّي وَجَدْتُ اَلْأَمْرَ لَا يَسْتَوِي.
لَا تَسْتَوِي حُرْمَةُ الْآدَمِيَّةِ مَعَ حُرْمَةِ الْأَشْيَاءِ وَالْأَغْرَاضِ.
يَظَلُّ الْآدَمِيُّ بِحُرْمَتِهِ وَكَرَامَتِهِ، وَلَوْ جَرَّدْتَهُ مِنْ الدِّينِ وَالْعِرْقِ، فَسَوْفَ يَظَلُّ مُكَرَّمًا لِخُلْقِهِ، مُكَرَّمًا لِكَرَامَةِ نَفْسِهِ اَلْانْسَانِيَّةِ.
لَا يَسْتَوِي عِنْدَ اللَّهِ النَّفْسُ الْمُؤْمِنَةُ وَلَوْ دَنَّسَتْهَا الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبُ، فَسَوْفَ تَظَلُّ مَكْرُمَةً.
لَا يَسْتَوِي فِي الِاخْتِلَافِ أَوْ الِاتِّفَاقِ أَنْ تُلْزِمَ الْعَدْلَ فِي الرِّضَا وَالْخُصُومَةِ، فَلَا تَدْفَعْكَ الْمَصْلَحَةُ لِتَغْلُوَ عَلَى خَصْمِكَ..
لَا يُسْقِطُ الاختلاف عُرَى الْأُخُوَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ مَهْمَا كَانَتْ دَرَجَةُ التَّوَتُّرِ وَعُمْقُهُ، وَتَظَلُّ رَابِطَةُ الْأُخُوَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ أَعْمَقَ.
رَاجِعْ نَفْسَكَ إِذَا شَعَرْتَ أَنَّكَ تَسْتَمِعُ بِإِذَابَةِ نَفْسٍ مَكْرُمَةٍ بِلِسَانِكَ وَيَدَيْكَ، فَمَا بَالُكَ وَبَالِي إِذَا كَانَتْ النَّفْسُ مُؤْمِنَةً.
أَرَى الْمُقَامَرَةِ بِالْأَعْرَاضِ وَالذِّمَمِ فِي سُوقِ الْمَلَاهِي تَبْخَسُ مَرَاتِبَ مَنْ يَبْحَثُ عَلَى الْحَسَنَةِ الَّتِي تَرْفَعُ قَدْرَهُ يَوْمَ تُوضَعُ الْأَقْدَارُ، يَوْمَ تُوزَنُ الْأَعْمَالُ بِمَوَازِينِ الْعَدْلِ.
فِي سِيَاقٍ تَأَمُّلِيٍّ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
(هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى) سُورَةُ {النَّجْمِ: 32}
لَا أَحْسَبُ مُسْلِمًا مُؤْمِنًا يَتَجَاوَزُ دُرُوسَهَا الْبَلِيغَةَ، حَرِيٌّ أَنْ يَقِفَ عِنْدَهَا قُرَّائِي الْفُضَلَاءُ لِيَعِيشُوا فِي ظِلَالِ مَعَانِيهَا الْعَظِيمَةِ، فَلَا أَغْتَرُّ نُزَكِّي النَّفْسَ، وَنَنْسَى حُلْمَ اللَّهِ عَلَيْنَا وَسَتْرَهُ.
وَنَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ فِعْلِ كُلِّ مُفْلِسٍ يُتَاجِرُ بِحَسَنَاتِهِ، فَحَسْبُنَا أَنْ نَقُولَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي زِلَّتِي وَتَجَاوِزْ عَنْ سَيِّئَاتِي.