الثلاثاء أكتوبر 1, 2024
أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: معهم يحلو السباق

أبدأ مقالي بسؤال يثير الدهشة، بل يثير الاستغراب، من نسابق؟ قد يخيّل لك أّنك في سباق عدو أو سباق الخيل أو ربّما سباق الدّرجات، نقضي أوقاتنا في هوايتنا المفضلة نمتّع أنفسنا، وهي هوايات مباحة، ولكنّي أردت في حديثي رفع سقف التّسابق، فيكون السّباق في أمور حياتنا. وفي الأمور التي تخصّ قضايانا الحيويّة.

سأحاول في مقالي أن أستوحي مادته من وحي الأثر، ومن قصص الناجحين، أقطف عصارة فوائدها ومن خلالها نحدد صفات الأشخاص الذين يحقّ لنا التّسابق معهم في دروب العطاء الواسع.

فمن نسابق يا ترى؟.

في هذا السّباق نختار المتسابق قوي، نختار سباق من ينشّط عزمنا، يقوي ضعفنا، يقوي مردود مشاريعنا، نحتاج هذا المتسابق لإعلاء منزلتنا ورفعة مكانة أنفسنا، نحتاج هذا التّسابق لنكون الأفضل في الخيرية، نحتاج هذا التّسابق كي نترك أثرا نحمد به، بعد أن نمضي لدار الخلود فنسعد بثمار غرسنا، ونجني محصول جهدنا.

نتحمل في هذا التّسابق صنوف من المشاق والمتاعب، و نحن نشق طريق سيرنا، نمضي على طريق من تميزوا، فتركوا بصمتهم شاهدة كتبتها صفحات التاريخ بماء الذهب.

لعل من أخص ميزات من نحتاج التسابق معهم جموح طموحهم وقوة إصرارهم وقوة تحديهم، الذين تصغر في عيونهم المشاريع الكبيرة، تكبر أنفسهم عن توافه الأمور، ترنوا أعينهم للمعالي.

يقول الشاعر أبو القاسم الشابي في ذلك الشاعر التونسي:

أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر

وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر

أن تسابق من صفاتهم علو الهمة و رفعة الأهداف،نتسابق من أهدافهم في الحياة كبيرة، من يعيشون لغايات كبيرة، ولا يوقف همتهم ولا تضعف عزيمتهم كسل، أو ركون إلى البطالة، يحملون نفوسهم لتخطي الصعاب، فيختارون صفوف المقدمة، دأبهم تحصيل التّميز في الأداء، تميز في إتقان المهمات، وهؤلاء لا تعرف همتهم مسالك الفوضى والتخبط، فهم غاية في النظام.

 نسابق من ترتسم ملامح السعادة في وجوههم، الذين لا من يلبسون ثوب الحداد في أيّام الأزمات، نختار من يعاشرون الأحزان والبؤس والشقاء، لكن تراهم يكدحون مع زهد العيش وقلة ما في اليد، فلا تفارقهم إشراقة الابتسامة، تراهم يفتتون الحجارة، وقلبوهم يكسوها الرضا -ليس معنى حديثي أن نقاسم الفقر وزهادة العيش، فالأصل في الحياة، طلب الغنى والقوة- لكن عين المنى أن يقاسموا النّاس السّعادة، فيسعد بسعادتهم غيرهم، فأي سعادة ترجى ونحن تدوس كرامة الآخرين.

 نسابق من يصححون المسار، من يقومون طريق سيرهم، من يقوّمون تجاربهم، من لهم وقفات يتعلمون من أخطائهم، فلا تأخذهم عزة نفسوهم وكبريائها، فيردوا النصح والترشيد، ولو كانوا في قمة المسؤوليّة، لو كانوا في أعلى مراتب القيادة،فطبعا نفوسهم الكبيرة ترضى بالتقويم مساكا لتحصيل الارتقاء والتميز، همهم حل المشكلات وتفريج الصعوبات، همهم تأمين المشاريع وبلوغ الأهداف فهؤلاء نفائس وذخائر لا يرحم المرء صحبهم و التسابق معهم.

Please follow and like us:
حشاني زغيدي
مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب