حشاني زغيدي يكتب: من فوائد خلاصة التجارب
وجدت أن لكل شيء نهاية حتمية، نهاية رسمت في ملامحها أفراحا وأتراحا، نهاية رسمت ألوانها على التذكار، كجدارية نقشت آثارها على واجهات سفوح الجبال والكهوف المنسية.
لعل أصدق خلاصة يمكن أن نعيشها أن الموت هو كاشف زيف الأحلام، وأن الجميع سوف، يستبشر ويفرح أو يصدم بالنهاية المحتمة، التي فيها تقطع كل الحبائل، وتلك خلاصة نعيشها يوميا في مشهد أناس نودعهم دون رجعة، يترك رحيلهم خلاصة تجارب مدونة في صحائفهم.
ومن خلاصات التجارب المؤكدة، أننا نكتشف حقائق مخجلة أن من كانوا حولنا كانوا يمارسون الخداع بتزوير الحقائق، كانوا يمارسون رياضة التلهي ونحن نصفق لهم بلا وعي، صور خداع في خداع.
من خلاصات التجارب الصادمة أن نكتشف في النهاية، أن ما كنا نعتقد أنه مصدر سعادتنا، ومجلب راحتنا، ما هو إلا نيران نكوى بها، وأن الأشياء التي ضربنا من أجلها المواعيد كانت سرابا في سراب، بل مجرد قيعان خاوية، حقائق مرة يقف عندها من عاشوا نهايات التجارب، أن النتائج السعادة التي تواعدنا معها سارت في غير ما كنا نرغب ونحب.
ولعل من وقفات التي يقف عندها أصحاب التجارب أن من أسباب فقدان الوجهة وانحراف بوصلة، أن السالك لم يدقق عن الوجهة الصحيحة، ولم يبحث عن المسلك الصحيح السالم، الذي يقوده للنهاية السليمة وهذا حال الكثير للأسف.
لعل راصد التجارب قد يكون في غفلة وقد حانت ساعة النهاية وصاحب التجربة مشغول مصروف عن نفائس الأوقات، وقد مضت ساعاته في فراغ، قد مارس رياضة قتل الأوقات، وهو لا يدري أن أعمارنا منتهية الأجل، محدودة المدة،لها نهاية مكتوبة،، و تلك بلية الكثير لا يعلمون أن الوقت أثمن ما يجب أن نتبرع به من أجل إسعاد حياتنا.
ومن خيبات خلاصات التجارب أن نصل للنهاية متأخرين، وقد فاتتنا واجبات، كان يفرض أن تؤدى وتنجز، وقد حرمنا أن ندخل سرورا على أنفسنا، وقد حرمنا أن نبعث برقية أمل لمن نحب، أو حرمنا أن شاركنا ترميم جسر متهدم، بفعل صغير نحيي به سعادة مفقودة لمرء ينتظرها.
من أهمية الوقوف عند خلاصة التجارب كثرة الانتظار عند أماكن الأطلال، نتباكى عن أيام مضت وصفقات ضاعت، لأجدر بنا أن نقطع الدهشة و نعقد العزم لنمضي نحو المسار نستدرك ما فات وخسرناه، نستلهم من الحكمة القائلة: (الضربة التي لا تقتلك تقويك).
ولعل باكورة الفوائد في نهايات التجارب، أن الأجر بالعمل، وأن جني المحصول بالزرع، وأن النجاح بالاجتهاد، وأن ثمرة الفوز تقطف، كلها حقائق مقررة وأن النهاية خلاصتها أن نشري سعادة دائمة، أو خسارة دائمة، ويبقى اللبيب من يستدرك ويصحح ويدقق.