أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: نقاش في موازين المنافسة

لعلي مثل غيري يشدني النقاش السياسي الحاد بين المتنافسين وأنصارهم حول ما يدور في سجال التسابق من نقاشات حادة تلقي بظلالها إيجابا وسلبا على المنافسة، وإني أحسبها تجاوزت حدا ما الأعراف المتعارف عليها في المنافسة، وكلنا يعلم أن المنافسة أيا كان لونها لا تخلو من حدة في المواجهة سواء اللفظية وقد تصل أحيانا إلى الأساليب العنيدة الحسية، وأحسب أن ذلك غير مبرر مهما كانت دعاوى المخالف لخصمه، في قانون المنافسة يتوجب احترام دفتر شروطه ومنها حرمة الشخص وخصوصيته.

أرى أن كل الأساليب العنيدة تخدش صدقية المنافسة التي قانونها واضح، قانونها أن تشرح البرامج، تقدم الإحصائيات والأرقام التدليل بؤر الضعف عند الخصم، كل ذلك مقبول، مسموح به في قانون اللعبة، فأن توظف أساليب الدعاية لمشروع المنافسة كل ذلك مقبول، أن تتواصل مع جمهورك في القاعات أو العمل الجواري، فذاك من صميم العمل التنافسي الصحيح.

أحسب أن الذي يرضى أن ينافس ويرضى بقوانين اللعبة يفترض أن يلتزم آدابها وقوانينها، وأن يعمل على أن يتجنب كل إساءة تتعلق بخصوصية الإنسانية، كالتنمر أو القدح الجارح، أو النعوت المسيئة التنابز بالألقاب، أو احتقار الهيئة أو الجهة الجغرافية، التي يحرمها الشرع ويجرمها القانون، والمؤسف أن تصل الإساءة حد التخوين والعمالة والتفسيق والطعن في انتماء المنافس لدينه ووطنه أو أمته، كل تلك الأساليب مفروشة لا مبرر لها مهما كانت أخطاء المنافس الذي يقضيه القانون أو ضميره أو مؤسسته التي فوضته.

وحين نحاول وزن بعض الأساليب التي يوظفها المنافس في دعايته ميزان الشرع والقانون والشرع والقانون واضحان في هذه المسائل، وبالرجوع للقواعد التي سنها الإسلام على المسلم او التي يفرض اتباعها فيما يتعلق باللباس. فهي معروفة يسهل للمتعلم ناهيك أن يستفتي فيها العلماء وهم كثر بيننا، أو يعود حتى للقوانين الوضعية والتي ضبطت تشريعات اللباس المحترم، فالمحرم على الرجال معروف وفيه سعة والمحرم على النساء معروف.

والمعلوم أن اللباس يندرج تحت فقه العادات الموروث الإنساني وقد تناوله الفقه الإسلامي بالشرح والتوسع.

أحيانا يكون الجهل بحقائق الدين هي أكبر مشكلة عند بعض الأشخاص، تجدهم يضيقون الواسع، ويحرمون المباح، بل يتوصل أحدهم رد جزءا من الدين بجهله، أقول أن البعض يجعل من الفرد المسلم ملكا معصوما لا يخطئ، بل يلبسون ثياب الحدة لسلوكيات بعض من يفترضون فيهم القدوة والمثال، يضعون لهم زيا وتشخيصا خاصا، ويحرمون لهم الترويح والاستمتاع المباح، كالتفسح واللعب مع الأطفال، أو الممازحة مع الناس، وهي أشياء مباحة غير محرمة، كأن هؤلاء لم يدرسوا سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي كان يمزح مع العجوز، ويلعب مع الصبي، بل يشارك أهله الترويح بالألعاب داخل المسجد، بل يقبل النكتة من الصحابي وهو على المنبر، كل تلك حوته السنة المطهرة والسيرة النبوية وكتب الفقه، تلك المعلومات يسهل الرجوع إليها للتحقق.

وأحيانا يكون الجهل بأسلوب المنافسة الحديثة و التي نشاهدها عند زعماء كبار لهم وزنهم في ميزان السياسة والدولة، نراهم يشاركون جمهورهم التنافس في العاب تقليدية كطقوس الرقص مع الضيوف، أو المشاركة في اللعب الرياضات المتنوعة، بل رأينا من يدخلون المطابخ يذوقون أطعمة المنافسين، وكل تلك التصرفات لم تنزل قدر أو مكانة المنافس، بل ضابط المنافسة الوحيد مقدرة الشخص إقناع الجمهور بالحجة والإنجازات المحققة على الأرض، أو تقديم بدائل ومقترحات مشاريع تسهم في تحقيق التنمية المستدامة التي تقلص عمر الأزمة وتحقق الرفاه الاجتماعي المنشود.

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى