حشاني زغيدي يكتب: هفوات عابر طريق
أسميتها هفوات عابر طريق، لأننا حقا نعبر طريق الحياة، في هذا الطريق المخصص للعبور، فيه نسجل أحلامنا، نحقق فيه برامجنا، نسير فيه فن خط أعمالنا، نرسم فيه لوحات فنية كل واحدة تقدر بثمن، وفي هذا الطريق فينا المترجل والراكب، فينا الذي يحبو يمشي الهوينة، في ذلك المسار الطويل يرتكب هفوات، عن نفسي أسميها هفوات، ويحق لغيري أن يسميها كما يشاء.
من الهفوات التي نرتكبها ونحن نسير في طريقنا، أن نهمل أنفسنا، ونحن نحاول إسعاد غيرنا، فتجد الواحد منا يقضي الأوقات الثمينة سائحا، يصارع الأمواج لإنقاذ الغرقى، والسائح في غفلة لا يعرف أنه هو الغريق. وجدت السعادة الحقيقية أن تنعكس إشراقات أرواحنا على غيرنا، فنكون نحن الشمعة المضيئة التي تضيء الفضاء بأنوارها، ومن نبع الخير الذي يسكن ذاتنا، تنهمر أنهار خيره لمن حولنا، فالخير يبدأ من أنفسنا، ثم تنعكس آثاره على المحيطين حولنا، ثم هكذا دواليك.
ومن الهفوات التي يقع فيها العابرون في الطريق ولوج عالم الغفلة، فلا ندرك من يهتم لأمرنا، من يسعده نجاحنا، ولا ندرك من يحزنه اخفاقنا، نعيش الغفلة فلا ندري من يخصنا بحبه و اهتمامه، ولا ندري من يشاركنا سعادته من أجلنا، فتجده يتألم في صمت، وغيره شارد في دروب ملهاة الحياة لا يعنيهم أمرنا، فنبخس المهتم حقه، ولو بنظرة، او لمسة نشارك فيها حرمانه وإهماله، هو قريب بعيد عن خواطرنا، ربما يتنبه العابر بعد مرور الزمن، وقد انقضى الزمن، يحاول عبثا تصحيح الهفوات ما استطاع، لكن الأمر صعب بعد فوات الآوان، ومع ذلك يحاول عبثا استدراك ما ضاع ليرد بعض الاهتمام لمن يعنيه أمرنا.
وخلاصة القول:
أن من الواجب إحياء الشعور بذواتنا، إحياء الشعور بمن حولنا، فلا تنسينا المهام وأعمال نقوم بها، إسعاد غيرنا بأعمالنا التربوية والخدمية، أن نحفظ حقوقنا، وحقوق من يحوطنا باهتمامه، نرعى حقوق أنفسنا وأسرنا،
وذاك حقهم علينا واجب شرعي وقانوني، فنخصهم باهتمامنا التربوي والترويحي والخدمي، علينا أن نعيش التوازن والاعتدال،
أحسب أن الأمر اليقظة والصحو ضروري، حيث لا نفصل أحدهما عن الآخر، نسعد أنفسنا ونسعد غيرنا.
والله الموفق والمعين.