حكم تمويل العمل الدعوي والقرآني في ظل حرب غزة من أموال الزكاة؟

تستمر جريدة “الأمة” بالدور الدعوي والرد على أسئلة الجمهور وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وردًا على سؤال ورد إلى لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين جاء فيه :” ما حكم تمويل العمل الدعوي والقرآني في ظل الحرب من أموال الزكاة؟.
وجاءت الإجابة كالتالي :” الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فإن من الواجبات الشرعية التي وفق الله عز وجل أهل غزة للقيام بها جهاد أعداء الله الصهاينة الذين احتلوا الأرض ودنسوا المقدسات وألحقوا بالأمة عاراً لا يمحوه إلا ما قام به هؤلاء المجاهدون في السابع من أكتوبر بيَّض الله وجوههم وكثَّر سوادهم.
ولما كان للأعمال الدعوية – من تحفيظ للقرآن وإقامة لحلق العلم ومجالس الذكر – الدور الكبير في تثبيت أهل غزة وحضهم على جهاد عدو الله وعدوهم، وكان من القواعد الأصولية قولهم (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) عُلم أن إقامة تلك المناشط من الواجبات التي لا بد منها لإقامة واجب الجهاد.
والذي عليه أهل العلم أن قوله تعالى في بيان مصارف الزكاة {وفي سبيل الله} مقصود به الجهاد وما يعين عليه، وفي شرح الدردير على مختصر خليل: أن الزكاة يُعطى منها المجاهد والمرابط وما يلزمهما من آلة الجهاد، بأن يشترى منها سلاح أو خيل لينازل عليها، ويأخذ المجاهد من الزكاة ولو كان غنياً؛ لأن أخذه بوصف الجهاد لا بوصف الفقر. ويُعطى منها جاسوس يُرسَل للاطلاع على عورات العدو ويعلمنا بها ولو كان كافراً.ا.هـ
وقال العلامة القرضاوي رحمه الله تعالى: فإذا كان جمهور الفقهاء في المذاهب الأربعة قديماً، قد حصروا هذا السهم في تجهيز الغزاة والمرابطين على الثغور، وإمدادهم بما يحتاجون إليه من خيل وكراع وسلاح. فنحن نضيف إليهم في عصرنا غزاة ومرابطين من نوع آخر، أولئك الذين يعملون على غزو العقول والقلوب بتعاليم الإسلام، والدعوة إلى الإسلام. أولئك هم المرابطون بجهودهم وألسنتهم وأقلامهم للدفاع عن عقائد الإسلام وشرائع الإسلام.
وقال: إن بعض الأعمال والمشروعات قد تكون في بلد ما، وزمن ما وحالة ما – جهاداً في سبيل الله، ولا تكون كذلك في بلد آخر أو وقت آخر أو حال أخرى. فإنشاء مدرسة في الظروف العادية عمل صالح وجهد مشكور يحبذه الإسلام، ولكنه لا يعد جهاداً. فإذا كان بلد قد أصبح فيه التعليم وأصبحت المؤسسات التعليمية في يد المبشرين أو الشيوعيين أو اللادينيين العلمانيين، فإن من أعظم الجهاد إنشاء مدرسة إسلامية خالصة، تعلِّم أبناء المسلمين، وتحصنهم من معاول التخريب الفكري والخُلُقي، وتحميهم من السموم المنفوثة في المناهج والكتب، وفي عقول المعلمين، وفي الروح العامة التي توجه المدارس والتعليم كله.
ومثل ذلك يقال في إنشاء مكتبة إسلامية للمطالعة في مواجهة المكتبات الهدَّامة. وكذلك إنشاء مستشفى إسلامي لعلاج المسلمين، وإنقاذهم من استغلال الإرساليات التبشيرية الجشعة المضللة، وإن كانت المؤسسات الفكرية والثقافية تظل أشد خطراً، وأبعد أثراً.ا.هــ
ولئن كان ذلك سائغاً في سائر البلدان ففي حالة أهل غزة أحرى وأولى؛ وذلك لما لحق بهم من ضرورة في ظل نيابتهم عن الأمة في مواجهة العدوان الصليبي الصهيوني الذي تسلط عليهم.
وعليه فلا حرج في الإنفاق من مال الزكاة على الأعمال الدعوية التي تعين على الجهاد وتثبت المجاهدين، حسب الحاجة الداعية لذلك، والله تعالى أعلم.