حكومة مودي تكثف التضليل لتشويه المقاومة الكشميرية واتهام باكستان

تعيش جامو وكشمير المحتلة من قبل الهند منذ عقود في دوامة من القمع العسكري والانتهاكات الممنهجة. ومع وصول حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) بقيادة ناريندرا مودي إلى السلطة، صعدت الحكومة الهندية حملاتها ضد الشعب الكشميري وضد باكستان،

مستخدمة وسائل التضليل الإعلامي والدعاية السوداء لإضعاف المقاومة الكشميرية الأصيلة وتشويه صورتها أمام المجتمع الدولي.

التقرير الصادر عن وكالة كشمير الإعلامية يكشف عن تكتيكات خطيرة تمارسها حكومة مودي، بينها تلفيق الأدلة، تنظيم مواجهات وهمية،

وتقديم أشخاص غير أسوياء عقليًا على أنهم “إرهابيون”، في محاولة لبث روايات مضللة تبرر قمع الكشميريين وتبرئ صورة الهند أمام الرأي العام العالمي.

التضليل كأداة سياسية

من أبرز الأساليب التي كشفتها الوكالة، إقدام السلطات الهندية على تقديم شخص يعاني من اضطرابات عقلية باعتباره “إرهابيًا”، بهدف ربط حراك كشمير بباكستان وتشويه شرعية نضاله.

ويؤكد مراقبون أن هذه الخطوة تكشف حجم الإفلاس السياسي والأخلاقي الذي وصلت إليه حكومة مودي.

كما تقوم القوات الهندية بعمليات قتل في “مواجهات مصطنعة” قرب خط السيطرة، ثم تصفها لاحقًا بأنها “تسلل من باكستان”، في إطار سيناريوهات معدة سلفًا لتوجيه أصابع الاتهام نحو إسلام آباد، وإخفاء حقيقة استهداف المدنيين الكشميريين العُزل.

عسكرة الوادي وإرهاب الدولة

بالتوازي مع هذه الحملات، تواصل الحكومة الهندية نشر قوات شبه عسكرية ضخمة في وادي كشمير. هذا الانتشار الكثيف لا يعكس سوى هاجس الخوف من المقاومة الشعبية، ومحاولة إحكام السيطرة عبر سياسة “الإرهاب الممنهج”.

ويرى خبراء أن عسكرة الوادي تهدف إلى ترهيب السكان المحليين ومنعهم من التعبير عن رفضهم للاحتلال، فضلًا عن تعزيز المخططات الرامية لتغيير التركيبة السكانية للإقليم، عبر منح أراضٍ للمستوطنين القادمين من ولايات هندية أخرى.

آراء الخبراء

1. منظور سياسي

يقول الخبير في شؤون جنوب آسيا الدكتور فاروق واني: “تكتيكات مودي الأخيرة تعكس مأزقًا عميقًا تعانيه الهند، فهي عاجزة عن إسكات الصوت الكشميري الذي يطالب بحقه المشروع في تقرير المصير، فلجأت إلى صناعة روايات ملفقة تستهدف تضليل المجتمع الدولي وإضعاف الموقف الباكستاني.”

2. منظور حقوقي

من جانبه، أوضح المحلل السياسي الباكستاني البروفيسور مسعود خان أن هذه الحملات الدعائية “لا يمكنها أن تخفي الجرائم اليومية التي ترتكبها القوات الهندية، من اعتقالات جماعية وتعذيب وقتل خارج نطاق القانون”،

مشيرًا إلى أن “تقارير منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية وثقت مرارًا الانتهاكات الممنهجة في كشمير”.

3. منظور قانوني

أما الخبير في القانون الدولي الدكتور خالد محمود فأكد أن “محاولات الهند لتسويق صورة زائفة عن الوضع الطبيعي في كشمير تتناقض مع القانون الدولي الإنساني، فاستمرار الحصار، ومنع حرية التنقل، واحتجاز الآلاف تعسفيًا، كلها جرائم تستوجب تحقيقًا دوليًا عاجلًا”.

الردود الباكستانية

لم تقف باكستان مكتوفة الأيدي أمام هذه الحملات. فقد أصدرت وزارة الخارجية الباكستانية بيانات عدة، أكدت فيها أن “الهند تحاول يائسة تحويل الأنظار عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قواتها في كشمير”.

وشددت إسلام آباد على أن قضية كشمير ليست نزاعًا ثنائيًا يمكن تجاوزه بالدعاية، بل قضية تصفية استعمار مشمولة بقرارات مجلس الأمن الدولي التي تؤكد حق الشعب الكشميري في تقرير مصيره.

كما دعت باكستان المجتمع الدولي إلى “إدراك حقيقة الروايات الهندية المفبركة”، والعمل على إيفاد لجان تقصي حقائق إلى الإقليم لرصد الانتهاكات على الأرض بعيدًا عن التضليل الإعلامي.

ردود الفعل الكشميرية

من داخل الإقليم، عبّر قادة المقاومة الكشميرية عن رفضهم المطلق لهذه الحملات. وأكد مؤتمر جميع أحزاب الحريات أن “الهند لا تستطيع عبر تلفيق الروايات أن تطمس حقيقة نضال الكشميريين، الذي يظل أصيلاً ومتجذرًا في حق تقرير المصير”.

كما أشار ناشطون إلى أن استخدام “المواجهات الوهمية” لم يعد ينطلي على الشعب الكشميري، الذي يدرك أن هذه العمليات مجرد ستار للتغطية على جرائم القتل والاعتقالات الجماعية.

المجتمع الدولي بين الحذر والصمت

على الرغم من وضوح الانتهاكات، لا يزال الموقف الدولي يتسم بالحذر. فالدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا، توازن بين مصالحها الاقتصادية مع الهند، وبين التزاماتها المعلنة بحقوق الإنسان.

ويرى المراقبون أن هذا التردد يمنح مودي مزيدًا من الجرأة لتصعيد قمعه، وهو ما يجعل الأصوات الحقوقية المستقلة أكثر أهمية في كشف الحقيقة.

أبعاد استراتيجية

يربط محللون بين التصعيد الهندي الأخير والانتخابات الداخلية المقبلة، حيث يسعى حزب بهاراتيا جاناتا إلى استغلال ورقة “الأمن القومي” لحشد التأييد الشعبي. وبحسب تقارير، فإن تصوير كشمير كبؤرة “إرهاب مدعوم من باكستان” أصبح أداة مركزية في خطاب مودي السياسي.

إلا أن هذه الاستراتيجية قد ترتد عكسيًا، إذ إن عسكرة الوادي وتلفيق الروايات لا تزيد الكشميريين إلا إصرارًا على المقاومة، وتكشف أمام العالم حقيقة إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه نيودلهي.

وخلاصة التقرير الصادر عن  كشمير للخدمات الإعلامية يسلط الضوء على الوجه الآخر لسياسات مودي في جامو وكشمير: وجه يقوم على التضليل والخداع وتلفيق الأدلة، بدلًا من الانخراط في حوار سياسي يحقق العدالة والسلام.

ورغم محاولات تشويه صورة المقاومة الكشميرية وربطها بباكستان عبر روايات كاذبة، تبقى الحقيقة واضحة: هناك شعب يرزح تحت الاحتلال منذ عقود، ويطالب بحقه المشروع في الحرية وتقرير المصير.

إن استمرار صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الممارسات لا يعني سوى منح الضوء الأخضر لمزيد من القمع، ما يجعل التدخل العاجل واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا.

وكما يؤكد الخبراء، فإن التضليل الإعلامي لا يمكن أن يخفي حقيقة أن كشمير اليوم تواجه إرهاب دولة ممنهجًا يستهدف هويتها ووجودها، وأن إرادة شعبها ستظل صامدة حتى تحقيق الحرية المنشودة.