في تحرك غير مسبوق داخل المؤسسة العسكرية الصينية، قاد الرئيس شي جينبينغ حملة تطهير واسعة استهدفت عدداً من كبار قادة الجيش، وعلى رأسهم مسؤولون في قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي، وهي القوة المسؤولة عن ترسانة الصين من الصواريخ الباليستية والأسلحة النووية.
هذه الحملة التي أثارت الكثير من التساؤلات في الداخل والخارج، تأتي في وقت حساس يتزامن مع تصاعد التوترات الإقليمية، وعلى رأسها الملف التايواني.
بحسب تقرير مفصل نشره موقع News.com.au، فإن الرئيس شي اتخذ خطوات متسارعة خلال الشهور الماضية شملت عزل وزير الدفاع لي شانغ فو، وهو شخصية بارزة اختفى عن الأنظار منذ فترة طويلة وسط تكهنات حول دوره في شبكات فساد داخل الجيش.
كما شملت الحملة أيضًا تغييرات جذرية في قيادات وحدة الصواريخ الاستراتيجية، بعد تقارير داخلية أفادت بوجود “ثغرات في الكفاءة والانضباط”.
التحليلات الغربية، مثل ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال (WSJ)، ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، معتبرة أن هذه التغييرات ليست فقط إصلاحات تنظيمية.
بل تعبّر عن سعي شي لإحكام السيطرة الكاملة على البنية العسكرية استعدادًا لتحوّل استراتيجي محتمل تجاه تايوان، في ضوء الأهداف المعلنة للجيش الصيني بتحقيق “الجهوزية التامة” بحلول عام 2027.
ويفسّر مراقبون هذه التحركات بأنها جزء من استراتيجية أوسع لشي جينبينغ، الذي يسعى إلى تطهير المؤسسة العسكرية من كل من قد يشكل تحديًا داخليًا لنفوذه، خصوصًا في ظل التوترات مع الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وبحسب تقرير CSIS – مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن عام 2027 يمثل موعدًا حاسمًا لدى القيادة الصينية، حيث يتوقع أن تكون بكين قد أنجزت بناء قوة عسكرية قادرة على فرض إرادتها في محيطها، بما في ذلك إمكانية التحرك العسكري تجاه تايوان إذا اقتضت الحاجة.
ورغم أن السلطات الصينية لم تُعلن رسميًا عن الأسباب الدقيقة للإقالات، إلا أن الصمت الرسمي وغياب التوضيحات في الإعلام الصيني يعكس حجم الحساسية المرتبطة بالموضوع، ويؤكد أن ما يجري يتجاوز محاسبة أفراد إلى إعادة هيكلة عميقة تهدف إلى ضمان الولاء الشخصي للرئيس شي جينبينغ داخل أخطر مؤسسات الدولة.
بهذه الخطوات، يكون شي قد أطلق واحدة من أوسع حملات إعادة الترتيب في تاريخ جيش التحرير الشعبي الحديث، وهو تحرك يُتوقع أن تكون له تبعات عسكرية وسياسية داخل الصين وخارجها في السنوات القليلة القادمة.