الأمة: يقدّم رامي طعامنة في خواطره الموسومة بـ”حين يهاجر الجسد وتبقى الروح”، ملامح سيرته الذاتية التي اقترنت بالهجرة والاغتراب، ويطلب من القارئ في الوقت نفسه أن يرى في تلك السيرة سمات عامة تجعلها معبرة عن معاناة شريحة واسعة من أولئك الذين كُتب عليهم أن يخوضوا التجربة نفسها.
وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 112 صفحة من القطع المتوسط، وضم بين دفتيه سبعة عشر فصلًا تنقل فيها طعامنة خلال مراحل عديدة في تجربته، بدءا من إرهاصات الغربة وموقف الأهل منها، مرورًا بتفاصيل الحياة اليومية التي يعيشها المغترب، وصولا إلى قرار الهجرة وما يتعلق به من آمال وإحباطات.
يقول طعامنة في المقدمة:
هذه الصفحات ليست حكاية، وليست حِكَمًا، ولا أدبًا منظومًا..
بل هي حديث إنسان مع قلبه، وقد جلَس على رصيف الغربة يتأمل الذاهبين والعائدين، ويكتب لأنه لا يعرف كيف يصرخ!
إن شعرتَ وأنت تقرأ أن في الكلام شيئًا من وجعك، أو ومضة من حنينك فلا تَدهَش.
فأنا كتبت هذا، لا لأُحدّثك، بل لأسمعك في صمتٍ يشبه الصلاة؟؟
يا صديقي القارئ
كل من كتب عن الغربة، بحث في الحقيقة عن وطن داخلي.
فإن وجدت شيئًا منك هنا فاعلم أننا تشاركنا الرحلة، ولو لم نلتقِ يومًا.
ويمضي بعد ذلك في أحاديث مستفيضة عن الهموم والخلجات، ويقدم سلسلة من المفارقات والتضادات التي يعيشها المغترب/ المهاجر في رحلة البحث عن أمان لا يتحقق، ومعاناة فقدٍ بات من المستحيل تخطيه.
ولعل من أهم ما حرص المؤلف على تقديمه للقارئ أنماطًا من شخصيات الاغتراب، سواء منها ما حافظ على مبادئه وأصالته، أو ما جرفته الحياة فانساق نحو الأنانية والبحث عن مصلحة الذات.
يصف إحدى هذه الشخصيات بالقول:
الضاوي، ذاك الثعلب، حسم أمره منذ زمن، وركب موج الهجرة.
أحرق من خلفه سفن العودة، ولم يلتفت إلى إرث العادات، بلا ندم ولا إحساس.
لم يعد يمارس طقوس الشوق، ولا يؤمن بخرافات الأمل.
فهو التاجر الذي يعرف تمامًا من أين تُؤكل الكتف.
يلبس النجاح كأنّه جلدٌ له
ويرتدي ثقة مفرطة بلون الكمال.
لا يزرع إلا ليقطف سريعًا حتى لو كانت النبتة زهرة لم تينع بعد.
لا يعرف للقناعة عنوانًا، ولا يهتدي لنورها.
ومن الجدير ذكره أن رامي طعامنة حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية، إلى جانب دراسات عليا في إدارة الأعمال والتمويل، وهو رجل أعمال يتنقَّل بين أستراليا، إندونيسيا، ودبي. وكتاب “حين يهاجر الجسد وتبقى الروح” هو الإصدار الأول له.