علمت الأمة من مصادر متعددة أن الوسطاء يواصلون اتصالاتهم مع حركة “حماس” والحكومة الإسرائيلية في محاولة لتجاوز العقبات التي حالت دون التوصل إلى اتفاق تهدئة وفق المبادرات المطروحة سابقًا. هذه الاتصالات، التي تسبق وصول المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى المنطقة، تُجرى عن بُعد في ظل غياب وفدي التفاوض من الدوحة، وسط ترجيحات بعقد جولة مفاوضات جديدة إذا تحقق اختراق في المواقف، خاصة من الجانب الإسرائيلي.
وتشير المصادر إلى أن المباحثات غير المباشرة شملت دعوات للإسراع في التوصل إلى تفاهمات عاجلة لوقف إطلاق النار، مع تأكيد الوسطاء رفض أي تحركات إسرائيلية تهدف لاحتلال أجزاء من قطاع غزة بشكل دائم، في ضوء تسريبات عن خطط حكومية إسرائيلية في هذا الاتجاه، والتي اعتُبرت بمثابة معوّق كبير لجهود التهدئة.
حتى الآن، لم تحقق هذه الاتصالات تقدّمًا ملموسًا، إذ لا تزال حركة “حماس” وإسرائيل تدرسان المقترحات الأخيرة، بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وسط نقص حاد في الغذاء والدواء. وفي هذا السياق، تواجه إسرائيل انتقادات دولية متزايدة لفشلها في تأمين مساعدات كافية للمدنيين، رغم إعلانها مؤخرًا فتح ممرات برية وجوية لإدخال الإغاثة.
الوسطاء طالبوا تل أبيب بتوسيع نطاق المساعدات وضمان وصولها إلى مراكز التوزيع التابعة للمنظمات الأممية. وتُعد آلية إيصال المساعدات من أبرز الملفات التي شهدت تقدّمًا نسبيًا، في حين بقيت قضية “خارطة الانسحاب الإسرائيلي من غزة” إحدى نقاط الخلاف الأساسية، إلى جانب المطالبة بتعهد واضح بوقف الحرب خلال فترة التهدئة التي تصل إلى 60 يومًا.
مصدر مطّلع رجّح إمكانية عقد جولة تفاوضية الأسبوع المقبل، إذا نجحت جهود الوسطاء، خاصة بعد عودة الوفد الإسرائيلي من مشاورات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووصول الفريق الأميركي بقيادة ويتكوف. إلا أن حالة الجمود السائدة، ورفض إسرائيل التعاطي مع مقترحات سبق أن وافقت عليها، لا تزال تُعرقل المسار.
في موازاة ذلك، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن نتنياهو يعمل على تسريع مشروع “الهجرة الطوعية” لسكان غزة، في محاولة لإرضاء وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يُلوّح بالانسحاب من الحكومة. وقد كلف نتنياهو جهاز “الموساد” بالتواصل مع دول مرشحة لاستقبال الغزيين، مما يعكس توجهًا إسرائيليًا لفرض واقع جديد يتجاوز أي تهدئة.
الوسطاء العرب، بدورهم، دعوا الولايات المتحدة للعب دور أكثر فعالية في دفع إسرائيل لتعديل مواقفها، وهو ما دفع إلى زيارة ويتكوف لإسرائيل، حيث يُنتظر أن تظهر نتائج هذه الزيارة قريبًا، خاصة إذا أدت إلى تسريع استئناف المفاوضات.
وفي المقابل، كشفت حركة “حماس” أن المقترحات الإسرائيلية تضمنت اعتراضات على آلية الانسحاب من غزة، لا سيما من “محور فيلادلفيا”، إلى جانب رفض تبادل جثث مقابل أسرى فلسطينيين، مما دفع القيادي محمود مرداوي إلى التأكيد أن “لا معنى للمفاوضات في ظل التجويع والإبادة”، مشددًا على أن الاتفاق يجب أن يكون شاملًا وغير قابل للتجزئة.
رئيس وفد الحركة، خليل الحية، أوضح من جهته أن استمرار الاحتلال في استخدام الحصار كسلاح تفاوضي يعكس رغبة إسرائيل في تحقيق مكاسب سياسية على حساب الدم الفلسطيني، مؤكدًا أن حماس لن تقبل بأي اتفاق لا يحترم كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه الأساسية.