في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء 3 يونيو، بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة خميني، كشف الولي الفقيه علي خامنئي عن حالة من اليأس والإحباط العميق التي تعتري نظامه، خاصة فيما يتعلق بالمفاوضات النووية المتعثرة والضغوط الدولية المتزايدة، لاسيما بعد تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ضرورة منع إيران من تخصيب اليورانيوم.
وبدلاً من تقديم رؤية واقعية للخروج من الأزمات المتفاقمة التي تحاصر النظام، لجأ خامنئي إلى لغة التهديد والوعيد، في محاولة يائسة لرفع معنويات أتباعه المنهارة وتغطية فشله الذريع في إدارة الأزمات الداخلية والخارجية.
خصص خامنئي جزءاً كبيراً من خطابه للدفاع عن برنامج النظام النووي، واصفاً تخصيب اليورانيوم بأنه “المفتاح” الذي لا يمكن التفريط به.
وقال: “في الصناعة النووية، هناك نقطة بمثابة المفتاح، وهي تخصيب اليورانيوم.
تمسك بالبرنامج النووي رغم الضغوط
وتابع أعداؤنا ركزوا على هذه النقطة ووضعوا أصابعهم عليها مضيفا الصناعة النووية بهذه العظمة، بدون امتلاك القدرة على التخصيب، تصبح عديمة الفائدة، لأننا سنضطر إلى مد أيدينا للآخرين لتأمين وقود محطاتنا”. وشبّه ذلك بامتلاك النفط دون القدرة على تكريره.
وأضاف بنبرة تحدٍ: “إذا كان لدينا 100 محطة نووية ولكن ليس لدينا تخصيب، فلن يفيدنا ذلك.
وعاد للقول :القادة الأمريكيون الوقحون يكررون هذا المطلب بلغات مختلفة، لكن ردنا على هذيان الحكومة الأمريكية معروف. الصهاينة والأمريكيون ليعلموا أنهم لا يستطيعون فعل شيء في هذا الشأن”.

وتكشف هذه التصريحات عن إصرار النظام على المضي قدماً في برنامجه النووي، رغم العزلة الدولية والعقوبات الاقتصادية الخانقة.
في محاولة لرفض أي تدخل دولي في شؤون برنامجه النووي، تساءل خامنئي بغطرسة: “ما شأنكم أنتم؟ لماذا تتدخلون فيما إذا كان يجب على إيران أن تمتلك التخصيب أم لا؟ أنتم تمتلكون قنابل ذرية ودماراً شاملاً، فما شأنكم إذا كان الشعب الإيراني يمتلك صناعة نووية؟”.
وهاجم من أسماهم “دعاة العقلانية” الذين يطالبون بالانصياع للضغوط الدولية، قائلاً: “مقصودهم من العقلانية هو أن نستسلم للقوة الغاشمة. هذه ليست عقلانية، العقلانية هي عقلانية الإمام خميني”.
مقاومة الشعب الإيراني
في هذا السياق، يبرز صوت المقاومة الإيرانية التي تسعى لإسقاط النظام. فقد أشار مسعود رجوي، زعيم منظمة مجاهدي خلق، في رسالة صوتية بتاريخ 5 أبريل 2025، إلى الوضع الحرج الذي يواجهه النظام، قائلاً:
“رأس الأفعى، نظام ولاية الفقيه، قد اصطدم بقوة بالحائط في سوريا ولبنان، والآن يجب سحقه في إيران. لقد دخلنا المرحلة الأكثر أهمية وحساسية وخطورة وتأججاً. إنها مرحلة تحديد مصير شعبنا في مواجهة نظام ولاية الفقيه وحلفائه وأتباعه. كثرة وشدة وسرعة الأحداث في هذا البحر العاصف هي سمة الموقف الثوري الملتهب”.
ويعكس هذا التصريح تصاعد المقاومة الشعبية داخل إيران، حيث يواجه النظام تحديات غير مسبوقة من الشعب الذي يعاني من الفقر والقمع والأزمات الاقتصادية.
في إشارة إلى المقترح الأمريكي الأخير الذي قدم عبر الوسيط العماني، والذي يطالب بوقف كامل للتخصيب مقابل تشكيل كونسورتيوم إقليمي، قال خامنئي: “الخطة التي قدمها الأمريكيون هي مئة بالمئة ضد مبدأ ‘ما نستطيع’”.
ويؤكد هذا الرفض تمسك النظام ببرنامجه النووي العسكري، مما يعزز التحليلات التي تشير إلى أن خامنئي غير مستعد لتقديم تنازلات جوهرية.
لم يقتصر خطاب خامنئي على الملف النووي، بل وجه تهديدات مبطنة إلى الدول الإسلامية، قائلاً: “الدول الإسلامية عليها واجبات كثيرة.
واردف :اليوم ليس يوم الصمت أو الحياد. إذا دعمت أي دولة النظام الصهيوني، سواء بالتطبيع أو بتبرير جرائمه، فإن العار الأبدي سيبقى على جبينها”. هذه التصريحات تهدف إلى تعبئة الرأي العام الإسلامي، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن عزلة النظام المتزايدة.
ومن المهم الإشارة إلي إن خطاب خامنئي، المليء بالتناقضات والتهديدات الجوفاء، لا يعكس قوة، بل يكشف عن يأس ديكتاتور يرى نظامه يتهاوى تحت وطأة الأزمات الداخلية والخارجية.
فبينما يقرع طبول المواجهة مع العالم ويتمسك ببرنامجه النووي كطوق نجاة، يتجاهل خامنئي أن الشعب الإيراني قد لفظ نظامه. محاولاته لترهيب المجتمع الدولي لم تعد تجدي نفعاً، ومقاومة الشعب الإيراني تتصاعد يوماً بعد يوم.
ويبدو واضحا هنا إن هذه المقامرة النووية على حافة الهاوية ليست سوى محاولة أخيرة لإطالة عمر نظام متداعٍ، لكن التاريخ يعلمنا أن الأنظمة الديكتاتورية لا تستطيع الصمود أمام إرادة شعب يطالب بالحرية والكرامة. إن نهاية نظام ولاية الفقيه باتت وشيكة، حيث يقترب الشعب الإيراني من تحقيق تطلعاته في بناء مستقبل خالٍ من القمع والاستبداد.