خباب مروان الحمد يكتب: صراع الحضارات ، أو صدام الحضارات!
كثيراً ما نسمع كلمة : صراع الحضارات ، أو صدام الحضارات!
قد يظنّ الظان الذي يأخذ سنّة المُدافعة أنّ هذه الكلمة ترجع لمفهوم الجهاد في دين الإسلام.
والحقّ أنّ مفهوم الجهاد في الإسلام أتى أساساً لصد الاعتداء؛ أو لمدافعة من حالوا بين المسلمين ودين الله، على خلافٍ في تكييف الحالة الثانية يذكره فقهاء الإسلام في ذلك؛ ليس هذا محلّ الحديث عنه.
إنّ مفهوم صراع الحضارات مفهوم توحشي غربي دموي يقوم على نظرة الفكر الذي نشأ من حياة الغابة الوحشية؛ لهذا تراهم يقولون: صراع البقاء، وصراع الوجود!
في الإسلام لا يوجد في الأساس مفهوم صراع؛ وليست هذه الكلمة مما تليق أن تُذكر على ألسنة المسلمين؛ باعتبار وجود حالة اختلاف ديني، بل تنافس حضارات!
والذي كتب كتاباً كبيراً عن صراع الحضارات وهو «صمئويل هنتنجتون» أبدى ملاحظة مهمّة عن قيام المفهوم الغربي على العنف وقال: (لم يغلب الغرب العالم بتفوق في قيمه أو دينه، إنما غلبه بتفوقه في العنف، إن الغربيين ينسون هذه الحقيقة، لكن غيرهم لا ينسونها أبداً).
إنّ صراع الحضارات(قيمة)غربيّة آمنوا بها، لذا وقعت بينهم حروب دامية سقط فيها الملايين من القتلى،وحين وقف سيل الدماء عندهم، قاموا بتصفير وتجميد الصراعات بينهم ؛ لكنّهم صدّروا الصراع مع المسلمين تارةً بإثاراة النزاعات بينهم على مستوى الدول والجماعات، وأخرى باستغلال الخلافات الدينية والطائفية والفكرية، وثالثة بإيجاد بيئة خصبة لبقاء الصراعات في العالم العربي ومراقبتها بالمنظار عن بُعد؛ وتغذية كلّ طرفٍ على حساب آخر..
إنّ الفكر الغربي الذي يقوم على أسس الصدام ومفاهيم الصراع؛ وتأسست دُول مؤسساتية مركزية تحمل رايته وغايته؛ أخطر من غيره؛ ففارس كما يُقال نطحة أو نطحتان، والمجتمعات الشرقية اللادينية رُغم معاداة أنظمتها السياسية لكثير من بلاد المسلمين إلاّ إنّ أساليب المكر الكبّار، والكيد، والعفرتة، والدهلزة، وحسن التخطيط، والدهاء ؛ موجود عند الروم؛ ومن هنا نفهم حديث رسول الله الثابت في صحيح مسلم: (تقوم الساعة والروم أكثر الناس).
وبالمناسبة فإنّ مفهوم صراع الحضارات مفهومٌ كنسيٌ قائم على تفسيرات خطيرة من رجال الدين المسيحي؛ تلك التي ألّبت وهيّجت حروباً صليبيّة ضخمة على المسلمين، ولا زالوا يستعيدون ذكرياتهم ويُهيّجون ملاحمهم تجاه ذلك!
بكلّ حالٍ فإنّ عمق انتشار الإسلام وسّر فاعليته وجود عنصر الانجذاب المغناطيسيّة له؛ لوجود مفهومه الذي يقوم على قوّة الحجّة، وبرهان الأدلّة؛ ولهذا كانت أوّل سورة أنزلت على رسول الله: (اقرأ) وكانت معجزة رسول الله الخالدة وآيته الفريدة هي البيان المتعلّقة بـ(الكتاب العزيز) ودولته التي قامت في مجتمع مختلف الأعراق والديانات في المدينة (المدينة النبوية) ولم يقطر بسبب إقامتها قطرة دم؛ ذلك كلّه يشرح أنّ هذا الدين لا يتّسق مع مفهوم الصراع والاعتداء والفكر القتالي؛ أو نظريّة التوحش التي يُحاول بعضهم أن يُلصقها به!
نعم قد يدافعُ المسلم عن حقوقه منطلقاً من مبدأ سنّة التدافع، ومجاهدة المعتدي الصائل؛ وفرقٌ بين من كانت هذه نظرته للحياة؛ ومن كانت نظرته للحياة: صارع فالصراع للأقوى؛ فهذه سنّة حيوانات الغابة!!