الأمة: عقد الإتحاد العربي النمساوي للثقافة والفنون والإندماج برئاسة د.احمد مرعوة وتحالف النقاء الوطني للثقافة والفنون والآداب برئاسة د. شريف الحنفي ندوة حول “خطر الشائعات” .
وفي كلمتها قالت الاستاذة الصحفية سارة سليمان ُالمستشار الاعلامي للاتحاد العربي للقاء الوطني ونائبة رئيس الاتحاد العربي النمساوي للثقافة والفنون والإندماج سَأَتَحَدَّثُ مَعَكُمْ عَنْ مَوْضُوعٍ: الشَّائِعَاتُ وَأَثَرُهَا السَّلْبِيُّ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ.
وتابعت تقول : فَمِنَ الْمَعْرُوفِ أَنَّ الشَّائِعَةَ هِيَ خَبَرٌ كَاذِبٌ، وَدَائِمًا يَكُونُ غَيْرَ مَوْثُوقٍ فِيهِ، لَكِنَّهُ سُرْعَانَ مَا يَنْتَشِرُ، وَلِلْأَسَفِ يَلْقَى قُبُولًا لَدَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ صِحَّتِهِ مِنْ عَدَمِهَا.
وَهَذَا لِأَنَّهُ يُمَثِّلُ خَبَرًا فِي بَدَايَتِهِ، وَالنَّاسُ يَتَشَوَّقُونَ لِلْأَخْبَارِ بِفِطْرَتِهِمْ، وَرُبَّمَا يَكُونُ هَذَا الْخَبَرُ بَسِيطًا، لَكِنَّهُ يَكُونُ لَهُ مِنَ الْآثَارِ السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ. وَأَنَّ هَذَا الْخَطَرَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَطَرًا عَلَى مُرَوِّجِهِ ايضا!
وَمِنَ الْأَثَرِ السَّيِّئِ لِهَذِهِ الشَّائِعَاتِ، أَنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى الْقَلَقِ الَّذِي يُوَلِّدُ حَالَةً مِنْ عَدَمِ الثِّقَةِ فِيمَا يُقَدَّمُ أَوْ يُنْشَرُ، وَقَدْ يُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ تَصْدِيقِ الْمَعْلُومَةِ الصَّحِيحَةِ، حِينَمَا تَأْتِي وَلَا يُصَدِّقُهَا أَحَدٌ، مُحَاكَاةً بِسَابِقَاتِهَا مِنَ الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي ثَبَتَ أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ.
وَبِذَلِكَ يَضِيعُ الْحَقُّ بَيْنَ النَّاسِ، وَتُدَمَّرُ الْعَلَاقَاتُ، بِسَبَبِ فُقْدَانِ الثِّقَةِ فِيمَا يُقَدَّمُ، وَرُبَّمَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَكَانَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْمَكَانَةِ الْأُسَرِيَّةِ لِلْأَفْرَادِ.
الإسلام يحرم نشر الاكاذيب..
وَقَدْ حَذَّرَنَا الْإِسْلَامُ مِنْ تَرْوِيجِ الْأَخْبَارِ دُونَ تَثَبُّتٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحُجُرَات: 6].لِهَذَا، فَإِنَّ مَسْؤُولِيَّتَنَا الْيَوْمَ، أَلَّا نَنْقُلَ خَبَرًا قَبْلَ التَّأَكُّدِ مِنْهُ، وَأَنْ نَكُونَ مَصْدَرَ وَعْيٍ لَا مَصْدَرَ فَوْضَى.
فَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الشَّائِعَاتِ وَالْأَكَاذِيبَ الْمُلَفَّقَةَ تُشَكِّلُ خَطَرًا كَبِيرًا عَلَى أَمْنِ الدُّوَلِ وَاسْتِقْرَارِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَخْلُقُ حَالَةً مِنَ الْفَوْضَى، إِلَى جَانِبِ تَكْدِيرِ الرَّأْيِ الْعَامِّ فِي الْمُجْتَمَعِ،
كما انها تُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى الْمِصْدَاقِيَّةِ وَالثِّقَةِ فِيمَا تُقَدِّمُهُ أَجْهِزَةُ الدَّوْلَةِ، نَاهِيكَ عَنْ نَشْرِ الْفَوْضَى وَفُقْدَانِ الثِّقَةِ فِي نُفُوسِ الْمُوَاطِنِينَ.وَصَرْفِ نَظَرِ الْمُجْتَمَعِ عَنِ الْقَضَايَا الْهَامَّةِ الَّتِي تُقَدِّمُهَا لَهُمْ دُوَلُهُمْ،
وَهَذَا يُوَلِّدُ حَالَةً مِنْ عَدَمِ الرِّضَا وَعَدَمِ الْقَنَاعَةِ، خَاصَّةً إِذَا مَا قُورِنَتْ بِمَا تُقَدِّمُهُ الدُّوَلُ الْغَنِيَّةُ وَالْمُتَقَدِّمَةُ لِمُجْتَمَعِهَا!
وَالشَّائِعَاتُ الْكَاذِبَةُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا أَنْ تُعْطِيَ رَأْيًا مُضَلِّلًا يُفْرَضُ حَالَةٌ مِنَ الضَّغْطِ عَلَى صُنَّاعِ الْقَرَارِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَصْحَابَهَا قُوَّةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ،
وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهَا رَأْيُهَا فِيمَا يُشَرَّعُ مِنْ قَوَانِينٍ وَأَحْكَامٍ تُؤَدِّي إِلَى إِقْرَارِ بَعْضِ الْقَوَانِينِ الَّتِي تَتَحَقَّقُ بِهَا مَصْلَحَةُ الْعَامَّةِ مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِهَا.
وَ يَجِبُ أَنْ نَحْذَرَ جَمِيعًا مِنَ الشَّائِعَاتِ، وَأَنْ نَجْعَلَ الصِّدْقَ وَالتَّحَقُّقَ مِنَ الْكَلَامِ بِالتَّأَكُّدِ وَالتَّوْثِيقِ، أَسَاسًا فِي كَلَامِنَا وَتَصَرُّفَاتِنَا، حِفَاظًا عَلَى أَنْفُسِنَا وَالْمُجْتَمَعِ.
فهي تُهَدِّدُ أَمْنَ الْمُجْتَمَعَاتِ وَاسْتِقْرَارَهَا، فَهِيَ أَخْبَارٌ كَاذِبَةٌ أَوْ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ تَنْتَشِرُ بِسُرْعَةٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَتُؤَثِّرُ سَلْبًا فِي التَّفْكِيرِ وَالسُّلُوكِ، وَتُحْدِثُ اضْطِرَابًا فِي الرَّأْيِ الْعَامِّ.
الشائعات تنشر الفوضي ..
وتَبْدَأُ الشَّائِعَةُ غَالِبًا بِمَعْلُومَةٍ مَجْهُولَةِ الْمَصْدَرِ، تَنْتَقِلُ مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ دُونَ تَحَقُّقٍ، وَقَدْ تُؤَدِّي إِلَى نَشْرِ الذُّعْرِ أَوِ التَّشْوِيهِ أَوِ التَّحْرِيضِ.
أَمَّا أَخْطَرُ آثَارِهَا، فَتَظْهَرُ عِنْدَمَا تَمَسُّ سُمْعَةَ الْأَفْرَادِ أَوْ تُشَوِّهُ مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ، فَتَزْرَعُ الشَّكَّ، وَتُقَوِّضُ الثِّقَةَ، وَتُؤَدِّي إِلَى الِإنْقِسَامِ وَالتَّنَافُرِ.
وعَلَى الْمُسْتَوَى الْفَرْدِيِّ، تُسَبِّبُ الشَّائِعَاتُ الْقَلَقَ، وَتُؤَثِّرُ فِي الْعَلَاقَاتِ، وَقَدْ تُدَمِّرُ حَيَاةَ أَشْخَاصٍ أَبْرِيَاءَ. أَمَّا عَلَى مُسْتَوَى الْمُجْتَمَعِ، فَهِيَ تُضْعِفُ نَسِيجَهُ، وَتَنْشُرُ الْفَوْضَى، وَقَدْ تُسْتَخْدَمُ سِلَاحًا فِي الْحُرُوبِ النَّفْسِيَّةِ وَالتَّضْلِيلِ الْإِعْلَامِيِّ.
وَقَدْ حَذَّرَ الْإِسْلَامُ مِنْ نَقْلِ الْأَخْبَارِ دُونَ تَثَبُّتٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحُجُرَات: 6]، فَالْمَسْؤُولِيَّةُ الْأَخْلَاقِيَّةُ وَالدِّينِيَّةُ تَحُتم عَلَيْنَا التَّثَبُّتَ قَبْلَ نَشْرِ أَيِّ مَعْلُومَةٍ.
وقد اجمع المشاركين في الندوة والمتحدثين علي أِنَّ التَّصَدِّي لِلشَّائِعَاتِ مَسْؤُولِيَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ تَبْدَأُ مِنَ الْفَرْدِ الْوَاعِي وَتَنْتَهِي بِالْمُجْتَمَعِ الْمُتَمَاسِكِ.
وَأن الْوَعْيُ، وَالتَّحَقُّقُ مِنَ الْمَصَادِرِ، وَنَشْرُ الْحَقِيقَةِ، هِيَ أَنْجَعُ الْوَسَائِلِ لِمُوَاجَهَةِ خَطَرِ الشَّائِعَاتِ، وَحِمَايَةِ أَمْنِ الْأَوْطَانِ وَاسْتِقْرَارِهَا.