بحوث ودراسات

خديجة محمد تكتب: جحيم الألعاب الالكترونية

عالمُ الألعاب عالمٌ شائك، نحتاج التأمل لفهم طبيعة الألعاب ومن أين تأتي متعة شخص يلعب بألعاب الحاسوب لساعات طويلة دون ملل ولا كلل؟ من أين يأتي بهذه الهمة العالية والقدرة على التركيز؟ فهي تعتمد على مخادعة للعقل البشري وتخديره.

 وبحسب دراسات “صنّفت منظمة الصحة العالمية عام 2019 إدمان الألعاب الالكترونية والفيديو مرضا خطيراً ينبغي العلاج منه وذلك مع تعرض المزيد من الأطفال والمراهقين بشكل خاص وفي مختلف أرجاء العالم لهذا الخطر يوميًا.”

أوجه الشبه بين المخدرات والألعاب الالكترونية:

وبحسب الكاتب الياباني (يوشينكو) هناك الكثير من التشابه بين الاثنين، إذ تسبب ألعاب الفيديو إفراز الدوبامين وهو الهرمون الذي يسبب المتعة على قدم المساواة مع “الأمفيتامين”، وهي مخدرات تستخدم عادة تحت الإشراف الطبي إذ لها تداعيات خطيرة على الصحة كفقدان القدرة المعرفية والحرمان من النوم والإدمان.

والشبه هنا هو أن هذه الأعراض المذكورة جميعًا تعد أعراض ممارسة ألعاب الفيديو لساعات طويلة، لذا يؤكد الكاتب وجود حالات أكثر تطرفًا بعد حين عندما يتم تحفيز هؤلاء الأطفال والمراهقين ودفعهم بسبب التوتر والغضب وفقدان دفء العلاقات الاجتماعية لمهاجمة الآخرين.

دراسات حول تأثير الألعاب على الأطفال والمراهقين:

  وفي دراسة صينية على أدمغة الأطفال والمراهقين حيث راقب الباحثون أدمغة الأطفال الذين يلعبون لساعات طويلة لعشر ساعات يومياً، فكانت النتائج الصادمة، فعند تصوير الأدمغة بالرنين المغناطيسي تبين أن لهؤلاء الأطفال مادة رمادية أقل من أقرانهم الذين يلعبون عدد ساعات أقل وتأتي أهمية المادة الرمادية من أنها تسمح للدماغ بالتحكم بالحركات والذكريات والعواطف.

وهذا تقوم العديد من الجمعيات بمبادرات تهدف لحماية الأطفال، منها مؤسسات مغربية أطلقت حديثًا حملة توعية بهدف حماية الأطفال من العنف السيبراني، والتحرش الإلكتروني عبر الألعاب أيضًا الذي أصبح إشكالية للكثير من الأهالي.

 الألعاب والانتحار:

وألعاب المراهقين لها طبيعة مختلفة تعتمد على السرعة والألوان القاتمة، والموسيقى السريعة، والتي تتخللها إيحاءات جنسية وعقائدية مختلفة.

هذا وقد انتشرت الكثير من الألعاب المخيفة كألعاب المحاكاة مثل: (الحوت الأزرق) و (مومو) التي تعتمد على التحدي بالإضافة إلى زرع العنف والخوف في سلوك الأطفال والمراهقين. فعلى سبيل المثال، انتحر الكثير من الأطفال والمراهقين في دول عربية عدة بسبب لعبة “الحوت الأزرق” وغيرها، إذ تتضمن اللعبة الأخيرة مجموعة من التحديات تجبر المستخدم بعد التسجيل فيها على رسم شكل حوت على ذراعه بأداة حادة، ثم تتوالى التحديات حتى تصل إلى التحدي الرئيس، وهو الانتحار بطرق مختلفة.

ألعاب البنات والتجسس:

وللبنات مع الألعاب الالكترونية حكاية أخرى فألعاب (باربي) تملأ متجر بلاي تعتمد على الألوان البراقة، وتغيير الوجوه والملابس هو الغالب عليها للألعاب أو العرائس، وهنا الخبث حيث يجعل الطفلة مستهلكة للألعاب وللملابس في آن واحد.

ومن جهة أخرى اعتمدت الألعاب على التجسس وإثارة التحدي والرعب في نفوس الفتيات، فقد جاء في مجلة النهار الالكترونية تقريراً عن لعبة مريم تحت عنوان: (ماهي اللعبة التي حذرت منها قوى الأمن الداخلي)

قصة اللعبة تكمن في وجود طفلة صغيرة اسمها مريم، تاهت عن منزلها، وتريد المساعدة من المستخدم لكي تعود للمنزل مرة أخرى. وخلال رحلة العودة إلى المنزل تسأل مريم عدداً من الأسئلة منها ما هو خاص بها، ومنها ما هو سؤال سياسي، إلى جانب أسئلة خاصة بالمستخدم اللاعب.

كما تغوص اللعبة بطرح أسئلة شخصية وسياسية تقدّم في أجواء مريبة ومرعبة وموسيقى تصويرية غريبة، تثير جواً من الرعب في نفس اللاعب وحالة من الاندماج، فضلاً عن قدرتها على إيحاءات للاعبها مثل سماع موسيقى صادرة من الهاتف أثناء الليل وغيرها وتكمن مخاطر هذه اللعبة في أمور عدة أبرزها:

– قدرة اللعبة على الحصول على معلومات شخصية عن المستخدم، ودخولها الى ملفاته على هاتفه من دون إذن كما يتطلب من اللاعب إدخال اسمه الشخصي وعنوان سكنه.

– تحفيز الاطفال والمراهقين على إيذاء أنفسهم، بالإضافة الى التأثير على طريقة تفكيرهم، وذلك بالقيام بطلب بعض الأمور التي تعزل اللاعب عن العالم الخارجي وتفرض عليه القيام بأمور تتعارض مع تقاليد المجتمع من ناحية، وقد تكون دموية أو عنيفة من ناحية أخرى.

سلبيات الألعاب على عقيدة وأخلاق الأطفال والمراهقين:

لم يقتصر تأثير الألعاب الإلكترونية على الجانب النفسي والسلوكي بل تخطاها إلى ما هو أعمق، فكان الأثر العميق على المعتقدات الإيمانية والأخلاقية وذلك كما جاء في موقع إسلام ويب أهم السلبيات على الجانب الإيماني للطفل والمراهق في النقاط الآتية:

– انتشار الألفاظ الشركية بين اللاعبين والمدمنين عليها، وأنها قد تعوّدهم على بعض الطقوس والعبادات لغير المسلمين من الصلبان والطقوس البوذية وغير ذلك مما يوجد في بعض هذه الألعاب، والتي تمس صحّة العقيدة الإسلامية، كما تنمي فيهم حب العدوان على الأنفس والسيارات وسلبها من أصحابها بالقوة.

-ومن مخاطرها تضييع الصلوات، وأيضاً وجود ألعاب بأفعال جنسية نابية وبدون رقابة أو تصنيف عمري.

– كما تعودهم هذه الألعاب على النظر إلى صور النساء العاريات الفاتنات فيألفها ولا يستنكرها أو يستقبحها مستقبلاً.

-وهناك من الألعاب التي تحرض على العنصرية أو التطرف أو الشذوذ، وغيرها من التوجهات غير السوية التي قد لا يستوعبها الطفل، ولكنه يمكن أن يضطر لمحاكاة نفس السلوك.

إرشادات وتوجيهات:

ولأنّ الألعاب اليوم أصبحت واقعاً نعيشه في بيوتنا كان لابد من إيجاد آلياتٍ وحلول لضبط ممارسة هذه الألعاب، وتلافياً لمثل هذه الأخطار على الأطفال والمراهقين نقدم بعض النصائح وفقاً لما جاء في موقع إسلام ويب:

-تحديد الوقت: يجب على الأسر ضرورة ترشيد استخدام الأطفال لها، وتحديد وقت قصير متفق عليه

– الحوار: على الأهل محاورة أطفالهم منذ الصغر، ومعرفة اهتماماتهم والأشياء المفضلة وغير المفضلة لديهم، لتنميتها بشكل سليم وصحّي نفسيًا وجسديًا.

-المراقبة: وذلك باستخدام برامج المراقبة لأجهزة الطفل لمعرفة نشاطات الطفل والألعاب التي يلعبها إذا كانت مفيدة أم لا.

-المشاركة: على الأهل دائمًا مشاركة أطفالهم باهتماماتهم، فمثلًا أن تقرأ الأم للطفل قصة قبل النوم، أو أن تلعب معه لعبته المفضلّة، أو أن تشاركه في الرسم؛ لأنَّ ذلك ينمي عند الطفل حب المشاركة والابتعاد عن الفردية،

-الحرص الشديد على إيجاد علاقة جيدة بين الزوجين: حتى لا يلجأ أي من أفراد الأسرة للإنترنت، ليهرب إليه من جحيم البيت لإشباع الجوع العاطفي والدفء الأسري.

-وليحذر الوالدان أن يكون همهم هو التخلصَ من إزعاج الأولاد بإشغالهم بهذه الألعاب فقط لأن هذا ينم عن سوء تقدير للعواقب، وعدم استشعار للمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم.

 -على الجهات المعنية التكاتف، بالوقوف على الألعاب الإلكترونية الحديثة التي تطرح في الأسواق كل حين، لمراقبتها، والتأكد من جودتها وفائدتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights