خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين : تغضب الحلفاء العرب وتضرب مصداقية واشنطن في مقتل
![](https://alomah.net/wp-content/uploads/2024/12/ترامب-780x470.jpg)
قال الكاتب الأمريكي أندرو انجلاند إن القادة العرب كانوا ينتظرون بقلق لمعرفة كيف سيرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أكبر أزمة يشهدها الشرق الأوسط منذ عقود، متوجسين من عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، ومن افتقاره لفهم تعقيدات المنطقة، ومن انحيازه الصريح لإسرائيل.
وأشار الكاتب في مقاله بصحيفة «فايننشال تايمز» إلى أنه لم يكن أحد يتخيل، حتى في أسوأ كوابيسه، الاقتراح المذهل والعبثي الذي كشف عنه ترامب أمام العالم المذهول عندما اعتلى المنصة في البيت الأبيض إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء.
وأضافت الصحيفة :فبعد أن تجاوز مجرد الدعوة إلى التوطين القسري والدائم لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة، رفع ترامب الرهان بشكل دراماتيكي بإعلانه أن الولايات المتحدة تخطط للسيطرة على القطاع المحاصر—وأنه سيستخدم القوة العسكرية الأمريكية إذا لزم الأمر.
ويرى الكاتب في المقال الذي ترجمته جريدة الأمة الإليكترونية :أن الفكرة بحد ذاتها غريبة إلى درجة أن هناك إغراءً لرفضها باعتبارها مجرد جنون آخر من جنون ترامب.
حيث تعد انتهاكا للقوانين الدولية التي طالما سعت الولايات المتحدة إلى الدفاع عنها. كما أنها قد تعيد القوات الأمريكية إلى القتال في الشرق الأوسط، وهو ما تعهد ترامب بتجنبه.
ويلفت إلى أن الخطة ستثير غضب حلفاء واشنطن العرب، وشركائها الأوروبيين، والعالم الجنوبي. كما ستزيد من تآكل مصداقية الولايات المتحدة المتدهورة، وستنسف حلم ترامب في إبرام «صفقة كبرى» تؤدي إلى تطبيع السعودية ودول مسلمة أخرى علاقاتها مع إسرائيل، ما قد يضمن له جائزة نوبل للسلام.
الفلسطينيون والنكبة الثانية
والأهم من ذلك، أنها ستخلق كارثة أخرى للفلسطينيين الذين عانوا لعقود، والذين يعتبرون غزة وطنهم منذ أجيال. فإلى أين سيذهبون؟ لا أحد يعلم. لن تجرؤ أي دولة عربية على قبولهم، خشية أن يُنظر إليها على أنها متواطئة في التهجير القسري لأشقائهم الفلسطينيين.
لا يزال الإرث المرير لعام 1948، عندما أجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة منازلهم أو فروا من القتال الذي رافق قيام إسرائيل، حاضرًا بقوة في الذاكرة الجماعية للعالم الإسلامي.
ويطلق الفلسطينيون على تلك الفترة اسم “النكبة” وكثير من سكان غزة اليوم هم من نسل أولئك الذين شُردوا حينها.
وينبه الكاتب إلي أن لا أحد في المنطقة—باستثناء اليمين الإسرائيلي المتطرف—يمكنه أن يتقبل تكرار تلك المأساة.
مع ذلك، فإننا نتحدث عن ترامب، رجل العقارات ومقدم برامج الواقع، الذي سبق أن هدد بالاستيلاء على قناة بنما وشراء غرينلاند.
واردف الكاتب الأمريكي :لطالما نظر إلى الشرق الأوسط من منظور الصفقات العقارية، متأثراً بمستشارين موالين بشدة لإسرائيل، مثل صهره جاريد كوشنر، وبنيامين نتنياهو، الذي يترأس أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفًا في تاريخها.
وقبل عام، كان كوشنر يتحدث عن أن «الواجهة البحرية» لغزة يمكن أن تكون «ذات قيمة كبيرة». أما يوم الثلاثاء، فكان ترامب هو من قال إنه يتخيل هذا القطاع الفقير المدمر بالحروب، والمكتظ بالسكان، على أنه «ريفييرا الشرق الأوسط».
وقال ترامب: «سنقوم بتطويره، سنخلق الآلاف والآلاف من الوظائف، وسيكون شيئاً يمكن أن يفخر به الشرق الأوسط بأكمله».
وفي تلك اللحظة، بالكاد تمكن نتنياهو من إخفاء ابتسامته وهو يقف بجوار ترامب، مشيداً به باعتباره «أكثر رئيس مؤيد لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة» بسبب «تفكيره خارج الصندوق».
وقال نتنياهو: «أعتقد أن هذا أمر يمكن أن يغير التاريخ».
منذ أن شنت إسرائيل هجومها العنيف على غزة رداً على هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، يخشى الفلسطينيون وجيرانهم العرب أن يكون الهدف النهائي لنتنياهو هو جعل القطاع غير صالح للسكن وإجبار سكانه على الرحيل.
من جانبهم يتحدث وزراء اليمين المتطرف في حكومته علناً عن ضرورة إعادة توطين القطاع الذي انسحبت منه إسرائيل قبل عقدين. والآن، يبدو أنهم حصلوا على دعم أقوى زعيم في العالم.
![](https://alomah.net/wp-content/uploads/2024/02/inbound53562535137960656.jpg)
نتنياهو وسموتريش
فيما سيأمل القادة العرب القلقون أن يكون اقتراح ترامب مجرد خطوة افتتاحية أو ورقة مساومة ضمن خططه لعقد صفقة أوسع تؤدي إلى تطبيع السعودية علاقاتها مع إسرائيل.
ففي ولايته الأولى، توسط ترامب في «اتفاقيات أبراهام»، التي أدت إلى تطبيع الإمارات وثلاث دول عربية أخرى علاقاتها مع إسرائيل، وقد أوضح أنه يريد البناء على هذا «النجاح» في السياسة الخارجية.
ولكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شدد مرارًا على أن التطبيع لا يمكن أن يحدث إلا بعد إقامة دولة فلسطينية تشمل غزة والضفة الغربية المحتلة. ويأمل كثيرون في العالم العربي أن يتمكن الأمير محمد من استغلال علاقته مع ترامب والنفوذ السعودي لاحتواء سياساته الأكثر تطرفًا.
التهجير والتطبيع
فيم أظهرت الرياض رفضًا سريعًا وحاسمًا لفكرة التهجير القسري للفلسطينيين يوم الأربعاء. ويشعر قادتها بالقلق من الغضب المتصاعد في المنطقة، حيث شاهد جيل كامل من الشباب العرب—وهم الفئة التي يعتمد عليها الأمير محمد—بذهول إسرائيل وهي تقصف غزة على مدار 14 شهرًا الماضية.
وفي هذا السياق ستكون هناك ضغوط على السعوديين وشركائهم العرب لإقناع ترامب بالمخاطر التي ينطوي عليها مخططه الكارثي.
لكن ما يفشل ترامب عمدًا في فهمه هو أنه، رغم الدمار والفقر والمعاناة، فإن سكان غزة فخورون بكون القطاع وطنهم. فهو جزء لا يتجزأ من هويتهم—الأرض التي ولدوا ونشأوا فيها، حيث دفنوا أحبائهم، وبنوا حياتهم وأعادوا بناءها وسط دورات متكررة من الصراع.
وخلص الكاتب الأمريكي في نهاية مقاله متحدثا عن الفلسطينيين :هم يريدون أن يعيشوا بسلام، لا أن يواجهوا نكبة أخرى..