في تطور جديد يثير جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والإعلامية الأميركية، رفعت مجموعة من النساء المسلمات في ولاية أريزونا دعوى قضائية ضد الشرطة، اتهمن فيها عناصر الأمن باستخدام القوة لإجبارهن على نزع الحجاب خلال الاحتجاز، في خطوة وُصفت بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والحريات الدينية التي يكفلها الدستور الأميركي.
حادثة تثير الجدل في الولايات المتحدة
وبحسب الشكوى المقدمة، أكدت النساء أنهن تعرضن لـ”معاملة مهينة ومذلة” أثناء احتجازهن، حيث جرى إجبارهن على إزالة غطاء الرأس رغم التحذيرات المتكررة من أن الحجاب يمثل جزءاً أساسياً من معتقداتهن الدينية وهويتهن الإسلامية.
انتهاك واضح للتعديل الأول للدستور
المحامون الذين تبنوا القضية اعتبروا أن ما قامت به شرطة أريزونا يمثل انتهاكاً مباشراً لـ التعديل الأول للدستور الأميركي، الذي يضمن حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية دون تمييز أو تضييق.
كما أشاروا إلى أن ما جرى يخالف أيضاً المادة الرابعة عشرة من الدستور، التي تنص على المساواة أمام القانون وحماية الأفراد من أي ممارسات تمييزية.
مطالبات بالتعويض وإصلاح السياسات الأمنية
الدعوى القضائية لا تقتصر فقط على طلب التعويض عن الأضرار النفسية والمعنوية التي لحقت بالنساء المتضررات، بل تمتد أيضاً إلى المطالبة بـ إصلاح سياسات الشرطة وتدريب الضباط على احترام التنوع الثقافي والديني.
ووفقاً للمحامين، فإن هذه القضية تمثل فرصة لإعادة النظر في الممارسات الأمنية المرتبطة بالمحتجزين المسلمين، وضمان احترام خصوصيتهم الدينية.
خلفية وسوابق مشابهة
ليست هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها الشرطة الأميركية دعاوى قضائية تتعلق بنزع حجاب نساء مسلمات. ففي عام 2018، توصلت امرأة مسلمة في ولاية مينيسوتا إلى تسوية مالية بعد أن رفعت دعوى ضد الشرطة بسبب إجبارها على خلع حجابها أثناء التصوير الجنائي.
كما شهدت ولايات أخرى مثل كاليفورنيا ونيويورك قضايا مشابهة، وهو ما يشير إلى نمط متكرر من الانتهاكات بحق النساء المحجبات في أماكن الاحتجاز.
ردود فعل الجالية المسلمة ومنظمات الحقوق المدنية
أثارت الحادثة الأخيرة موجة من الاستياء بين منظمات الحقوق المدنية والجالية المسلمة في الولايات المتحدة، حيث اعتبر ناشطون أن هذه الانتهاكات تعكس تنامي مظاهر التمييز الديني والإسلاموفوبيا داخل المؤسسات الأمنية.
وأكدت منظمات مثل مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR) أن هذه القضايا تمثل اختباراً حقيقياً لمدى التزام الولايات المتحدة بمبادئ الحرية الدينية وحقوق الإنسان.
أبعاد اجتماعية وسياسية
القضية تأتي في وقت حساس تشهد فيه الولايات المتحدة نقاشات متصاعدة حول حقوق الأقليات الدينية والعرقية، لا سيما في ظل تصاعد خطاب الكراهية والتمييز ضد المسلمين.
ويرى مراقبون أن مثل هذه القضايا قد تؤثر على صورة الولايات المتحدة الدولية كدولة تدّعي حماية الحريات الدينية، وقد تُستغل من قبل أطراف خارجية لتسليط الضوء على التناقضات بين الخطاب الأميركي والممارسة الواقعية.
خطوة نحو تغيير أوسع؟
يرى خبراء أن هذه الدعوى، إذا ما نجحت، قد تشكل سابقة قانونية تدفع إلى تغيير شامل في سياسات الشرطة الأميركية تجاه المحتجزين المسلمين. كما أنها قد تعزز من وعي المؤسسات الأمنية بضرورة احترام الرموز الدينية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الهوية الفردية.
في المحصلة، تعكس قضية نزع حجاب المسلمات في أريزونا تحدياً حقيقياً لمبادئ الحرية الدينية والمساواة التي يقوم عليها النظام الأميركي. وبينما تسعى النساء المتضررات لتحقيق العدالة، يبقى السؤال الأبرز: هل ستدفع هذه القضية السلطات إلى مراجعة سياساتها الأمنية أم أنها ستضاف إلى قائمة طويلة من الانتهاكات غير المحاسبة؟