تعيش مناطق واسعة من السودان كارثة إنسانية جديدة بعد أن اجتاحت أمطار غزيرة وسيول عنيفة عدداً من الولايات في الوسط والشمال، مخلّفةً خسائر بشرية ومادية كبيرة، في ظل ظروف استثنائية تعيشها البلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
ووفق ما نقلته قناة سكاي نيوز عربية على موقعها، فقد تسببت الأمطار الغزيرة والسيول في مصرع 15 شخصًا على الأقل وانهيار مئات المنازل والمدارس والمنشآت العامة، بينما لحقت أضرار جسيمة بالبنية التحتية، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه ومصارف الصرف.
انهيار البنية التحتية
التقارير الميدانية أشارت إلى أن الدمار شمل مصارف المياه، وشبكات الكهرباء، والطرقات الرئيسية، مما أدى إلى عزل بعض المناطق بشكل شبه كامل. ويؤكد خبراء أن حجم الدمار يضاف إلى خسائر الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، والتي قدّرت تكاليف إعادة إعمارها بما يتجاوز 700 مليار دولار.
وفي العاصمة الخرطوم، التي تعيش منذ أشهر طويلة في ظلام دامس بسبب الانقطاعات المستمرة للكهرباء، تفاقمت الأزمة مع توقف محطات المياه وتعطل الحياة العامة.
الولايات الأكثر تضررًا
بحسب بيانات غرفة المعلومات المركزية لطوارئ الخريف، كانت ولايات الخرطوم وكسلا والجزيرة ونهر النيل وسنار والشمالية الأكثر تضررًا. فقد سُجّلت وفيات في كسلا والكاملين بولاية الجزيرة، ومدينتي عطبرة والدامر في ولاية نهر النيل، فيما شهدت ولاية القضارف شرق البلاد انهيار مئات البيوت بعد أن غمرت مياه السيول قرى كاملة.
كما أدت الفيضانات إلى قطع طرق رئيسية بين مدن وقرى في هذه الولايات، مما صعّب من عمليات الإنقاذ والإغاثة.
تحذيرات عاجلة
هيئة الدفاع المدني أطلقت نداءً عاجلاً للسكان القاطنين بالقرب من ضفاف النيل والمجاري المائية، مطالبةً باتخاذ الحيطة والحذر حفاظًا على الأرواح، خصوصًا في المناطق الهشة التي تتكرر فيها الكوارث كل موسم.
كارثة صحية متفاقمة
ولم تقتصر المعاناة على الخسائر المادية، إذ تحدث سكان شرق الخرطوم عن تفشٍ خطير للأمراض، على رأسها حمى الضنك والأوبئة المرتبطة بتلوث المياه. وأكدوا أن المستشفيات والمراكز الصحية شبه مشلولة بسبب ضعف الإمكانيات وغياب الصيانة، الأمر الذي جعل الوضع الصحي ينذر بكارثة واسعة.
الكاتب السوداني حسن الشيخ علق على الأزمة قائلاً إن “غياب الاستعدادات يجعل من موسم الأمطار مأساة متكررة كل عام، وكأنها كارثة غير متوقعة”، مشيراً إلى أن المؤسسات التعليمية والصحية تعاني من تهالك وضعف الصيانة، ما يجعلها غير قادرة على الصمود أمام مثل هذه الظروف.
حلول بدائية
في ظل ضعف الاستجابة الحكومية، يعتمد السكان على حلول بدائية لمواجهة السيول، مثل فتح المجاري يدويًا وإزالة الأوساخ ثم رميها في أطراف الطرق، قبل أن تعود مرة أخرى لتسد المصارف مع أول موجة مطر جديدة، مما يعمّق الأزمة بدلاً من حلها.
أزمة ممتدة
الأمطار الغزيرة والسيول الأخيرة تعكس مأساة ممتدة يعيشها السودانيون منذ اندلاع الحرب، حيث تداخلت آثار الصراع المسلح مع الكوارث الطبيعية، لتجعل ملايين المواطنين عالقين بين خطر الحرب ودمار الفيضانات وانهيار المنظومة الصحية والخدمية.