“دَمٌ وَلمعَةُ نَيزَك”.. شعر: صالح أحمد كناعنة

يا لَلسُّدَى!
أَنَظَلُّ نَزحَفُ خَلفَ أَحلامٍ عَقيمَة؟
وَالريحُ تَقصِفُ عُنقَ لَحظَتِنا، وَتَنتَصِبُ الفَراغاتُ التي
احتَلَّت مَواسِمَنا، وَصارَت لَونَ حَسرَتِنا المُقيمَة.
…
مُنذُ الحِكايَةِ…
حينَ قامَ القَومُ يَلتَمِسونَ تَحتَ ظِلالِهِم
نورًا، وَكانَ النورُ صَرخَةَ عاشِقٍ
وهُتافَ أَطفالٍ بِلَونِ عُيونِهِم صارَت أَناشيدُ العَزيمَة.
…
ما بَينَ ذاكِرَتَينِ عاصِفَتَينِ تَسكُنُ يا دَمي!
وَحدي أَجيئُكَ مِثلَ لَمعَةِ نَيزَكٍ؛
وَاللَّيلُ ذابِلَةٌ مَلامِحُهُ، وَصُبحُ الغارِقينَ بِصَمتِهِم؛
قَهرًا تَعَمَّدَ دونَما عَينٍ، وَأسلَمَ روحَهُ
عُسرًا عَلى عُسرٍ تُراوِدُ شُعلَةَ النِّسيانِ عَن دَمِها،
وقَلبُ الصَّمتِ نافِذَةٌ تُطِلُّ على غِوايَتِنا،
وَأَسرابُ الهَداهِدِ لا رَسائِلَ عِندَها،
فَالأُفقُ غاشِيَةٌ، فَمَن يُهدِي مُغَيَّبَنا غَنيمَة؟
…
ما بَعدَ بَعدَ العُذرِ يَسقُطُ ظِلُّنا،
فُصَحاءُ نَمضَغُ صَوتَنا،
ويَشُلُّنا طَقسُ التّذَكُّرِ، تَستَشيطُ ظُنونُنا
شَبَقًا على شَبَقٍ فَهَذا أُفقُنا جُدُرٌ ،
وَكُلُّ أَصابِعِ النِّسيانِ تُلقِمُنا جِمارَ الحُزنِ…
تَترُكُنا شَظايا الحُلمِ صَرعى بَينَ أُمنِيَتَينِ غارِقَتَينِ…
مَلَّ جُنونُ صَحوَتِنا هَشيمَه.
…
ماذا سَيُنقِذُنا إِذا اختَلَ التَّوازُنُ بَينَ ما نَرجو وَما
بالفِعلِ أَعدَدنا لَهُ؟
الجَدُّ لا يُحييهِ إِلا ما استَقى
مِن صادِقِ الأفعال، أَو وَحيِ العَزيمَة
…
يا لَلسُّدَى!
سَتَظَلُّ شَكوانا تَجوبُ شَوارِعَ النَكَباتِ،
قَيصَرُنا يَعُدُّ خُيوطَ نَكسَتِنا،
وَعُشّاقُ المَدينَةِ يُمطِرونَ فَضاءَنا
بِقَصائِدِ الأَشواقِ، وَالأكوانُ تَعرَى…
لَيلُ غُربَتِنا قَدِ استَغشَى سَديمَه!