د. أحمد زايد يكتب: العلماء عقل الأمة، والعلم سابق الحركة في التصور الإسلامي
عشر ملاحظات أخرى
في مقال سابق ذكرت عشر مسائل موجهة الى العلماء وقادة التيارات الإسلامية، وهذه عشر أخرى.
لا أمة بلا عقل مفكر يقود مسيرتها بين العالمين.
ولا رشد في الحركة دون علم.
والأمم القوية تحترم العلماء، وتقدر التخصص.
واليوم لا تزال الحركات الإسلامية هي بقية الجسم المريض في أمتنا الذي يرجى من ورائه الخير الكثير
ولا تزال الحركات الإسلامية نابضة حية، ويمكن أن يعول عليها في صناعة مستقبل مشرق لأمتنا ما راعت الآتي:
١) أن يقودها العلماء المتخصصون في كل مجال بدلا عن الهواة والمتحمسين وإن كانوا مخلصين.
٢) كثرك مشكلات الأمة وتشعبها يؤكد حقيقة واضحة مفادها: أنه لا يمكن لهذه الحركات أن تحلها في ظل التجربة السابقة لتلك الحركات، وخلاصة تلك التجربة السابقة التي يجب مراجعتها ملامحها الآتي:
– التفرق وعدم التنسيق.
– سوء الظن وتراشق الاتهامات في مواطن كثيرة.
– عدم التواصل والقطيعة.
– إحسان الظن بالنفس وزعم احتكار الحقيقة والفهم الصحيح والمشروع الكامل.
– خدمة التنظيم والدوران في فلكه أكثر من التركيز على الأهداف العظمى للأمة.
وهذا كله يحتاج الى مراجعات للنزول مرة أخرى برؤية جديدة تجمع تلك التيارات والحركات العاملة ولو في حدود التنسيق العام والعمل ضمن المشتركات الكلية بحيث يكون عمل الجميع في اتجاه واحد.
واستكمالا للنقاط الرئيسة التي رصدناها في واقع هذه التيارات والتي نرجو مراجعتها:
٣) شيوع الفقه المرتعش غير الحاسم الأمر الذي أدى إلى شيوع روح التماهي وإن شئت قلت روح التصالح مع الأنظمة المستبدة ومع نظام الكفر والهيمنة الغربي.
٤) العيش في تجارب الماضي والتغني بإنجازاته البعيدة والقريبة دون صناعة رؤى وخطط تصلح للحاضر بكفاءة عالية وتؤهل للمستقبل، وهذه النقطة ناشئة عن عدم قيادة العلماء المتخصصين قيادة حقيقية وفقدان مراكز البحوث الاستشرافية في جميع الحركات الإسلامية دون استثناء.
٥) غياب القوة عن الحركة، أو على الأقل غياب التحالف مع الأقوياء مما أطمع الذئاب والأعداء في هذه الحركات فنكلوا بها دون خوف من محاسب.
٦) غياب روح النقد الذاتي والمراجعة والمحاسبة الأمر داخل هذه التيارات، الذي ولّد ثقة زائدة في النفس، وعمىً وغفلة عن أمراض تنظيمية تنشأ كل لحظة دون مراقبة، مما أدى إلى شيوع الأمراض في جسم التنظيمات والجماعات الإسلامية.
وكان يمكن تدارك هذا -على الأقل- بالرجوع إلى ما كتبه كثيرون من نقد ومراجعات لتلك التيارات والاستفادة منها، وهي كثيرة جدا كتبها محبون مشفقون وكارهون حاقدون.
٧) عدم التكافؤ العملي بين الأهداف والأعمال، فالأهداف عالية مثالية ولكن العمل والإجراءات لا تتناسب مع تلك الأهداف، وجاءت الضربات من العدو بناء على خوفه من تلك الأهداف المعلنة لا وفقا للأعمال والممارسات الحقيقية.
٨) غموض الجواب عن سؤال في عمل التيار الإسلامي وهو سؤال مهم ومركزي هو: هل هذه الجماعات إصلاحية أم تغييرية؟
والفرق هائل بين الأمرين.
ومن الصعب جدا الحركة دون الجواب عن هذا السؤال المركزي.
(وربما في مقال لاحق نفصل الفرق بين الإصلاح والتغيير).
٩) التركيز على الخدمات الحياتية للجمهور دون التركيز على بناء الوعي، وقد سهّل ذلك خداع الخصوم الجمهور في مواقف فاصلة.
١٠) السرية في كثير من التنظيمات تحت دعاوى فارغة، وللسرية مخاطر وأمراض فضلا أن السرية أمر لا يتناسب مع عالم مكشوف أمنيا وتقنيا.
وهذا الأخيرة لها تفاصيل فلا ينبغي أن تصرفنا المناقشات حولها الآن عن غرض هذه السطور.
وأقول في نهاية هذه الأسطر
لا يزال في الوقت متسع
ولا يزال الأمل معقودا على عودة هذه الحركات إلى رشدها.
وهذه نداءات للعلماء وقيادات العمل الإسلامي أرجو أن تجد أذنا واعية.
والله من وراء القصد.
———
د. أحمد زايد
أستاذ بجامعة الأزهر