د. أحمد زكريا يكتب: من يكتب تاريخنا؟!
تعاقب الأخبار التي تدمي قلوبنا يوميا بفقد إخوتنا وأحبتنا، حتى أصبحنا لا نستطيع اللحاق بركب الجنائز، حتى من خلال مواقع التواصل، وهذه علامة خطيرة على قرب انقراض هذا الجيل من أبناء الجماعة والحركة، وهذا يفرض علينا سؤالا إجباريا، من يوثق تاريخنا، ويكتب عن هؤلاء الراحلين؟!
ولعل الأخطر أننا في العصر الحديث نفتقر للمؤرخين الحقيقيين -الذين باتوا قلة ضائعة في زحمة الانفلات الإعلامي الرخيص والمشهد الثقافي الأعمى- فهل نترك تاريخنا للغير يدونه ويحرفه كما يشاء، وهل نترك صفحات هؤلاء المجاهدين الذين قضوا زهرة شبابهم لنصرة هذا الدين عرضة للضياع، أو للتحريف والتشويه؟!
فقد رأينا من كتب عنا، وكيف اتهمنا بكل نقيصة، وحول جهادنا ودعوتنا إلى إرهاب وتطرف -إلا من رحم الله من المنصفين، وقليل ما هم- .
فهل نستجدي غيرنا ليوثق تاريخنا، ويحفظ جهادنا ومآثرنا التي سجلت صفحات مشرقة من تاريخنا الحديث -لا ينكرها إلا جاهل أو حاقد-؟!
أم نترك الأمر لمراكز الدراسات الغربية، ومندوبيها في الشرق تهيل التراب على كفاحنا ،وتتهم إخواننا وشيوخنا بالكذب والافتراء؟!
لعل من أقل التهم التي يصدرونها :أننا جماعة «جاهلة لا تقرأ» أو «جيل بلا ذاكرة».. فمتى ندرك ما جنيناه بحق تاريخنا؟ ومتى نعي أن التوجه لاستحضار هذا التاريخ هو الرد الطبيعي على كل هذا التزوير والتشويه..؟!.
فقد مضى أكثر من أربعين عاماً على تأسيس الجماعة، وخاضت معارك مشرفة دفاعا عن الدين وعن الوطن ،وأنتجت للإسلام وللمسلمين رجالا عظاما في كل أنواع الجهاد (الفكري، والعلمي، والدعوي، والأدبي، والسياسي، والاجتماعي،….)
ألا تستحق هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا المعاصر وقفة متأنية نوثق فيها ما مضى؟ ألا يجب أن تعمل كوادرنا على تسجيل وتوثيق هذا التاريخ بالقلم، والصوت والصورة، وعمل الأفلام الوثائقية، وجمع المبعثرات من تآليفنا الكثيرة، وتراثنا العظيم؟!
لنعترف أننا مقصرون.. وهذه هي الخطوة الأولى، ولننطلق بعدها لتجميع وترتيب أوراقنا ووثائقنا ومدوناتنا ومخطوطاتنا المحفوظة هنا وهناك.. فالأيام تمضي مسرعة لا تلوي على غابر أو ماضٍ..وإلا سنبقى نقرأ تاريخنا بأرشيفهم.