د. أحمد شحروري يكتب: مقياس الإدانة لطواغيت العصر
انشغلت وسائل الإعلام حتى الساعة بنبأ رفع قضايا إدانة ضد الرئيس الصهيوني الذي يحضر ملتقى دافوس في سويسرا بصفته رئيسا لكيان متهم بجرائم حرب وبالإبادة الجماعية لأهل غزة.
وإذا كان من حق الشعوب أن تحاكم جلاديها الذين قتلوا أبرياءها وهدموا بنيانها، فإن دولة إسرائيل الدعية تشكل رأس حربة لنظام عالمي مستبدّ قائم على انتهاك حقوق الشعوب المستضعفة والتنكيل بها وحرمانها من حقوقها بدءا من الكلمة وليس انتهاء بمصادرة خيارها في أن تحب أو تكره.
دولة الاغتصاب الصهيونية هي وكيل البلطجة في المنطقة والعالم، تعلّم من يريد، وتستهدف من تريد، وخطوة رفع قضية على رئيسها طلبا لحبسه ومحاكمته ينبغي أن يُفطَن لها في حق كل زبون من زبائن هذه الدولة المجرمة المسوقة لجريمتها في شتى بقاع العالم، حتى تغلَق الطريق أمام هذا الفساد العالمي العريض.
إن أي نظام عربي أو أعجمي يسوّق البلطجة والتنكيل بالشعوب هو نظام يعين الصهاينة على المضي في غيهم ويطيل أمد احتلاله وإفساده في الأرض.
فالنظام المصادر لحرية شعبه قولا وفعلا يستحق المحاكمة.
والنظام الذي يخاف فيه المواطن على قوت عياله لمجرد كونه معارضا سياسيا نظام يستحق المحاكمة.
النظام الذي يجبي من شعبه أضعاف المبالغ التي ينفقها لخدمته بحاجة إلى محاكمة.
والنظام الذي يتساهل مع عدوه المحتل لأرضه وينكّل بمواطنه ويضيّق عليه عيشه بحاجة إلى محاكمة.
النظام الذي تشتغل رموزه بالتجارة فتتورم أرصدتهم في البنوك الأجنبية بدل أن تسجل موجوداتهم لصالح الاحتياط النقدي الوطني يجب أن تقطع أيدي أفراده لمنعهم من التطاول على حقوق الفقراء والمساكين.
كل طاغية يرى في السلطة غنيمة يدافع عنها بإراقة الدماء واستحلال الحرمات بحاجة إلى محاكمة.
ولولا توافر الجو المناسب لدولة الصهاينة بمدها بحبل من الناس لما تمكنَت من الوصول إلى يوم تستعلي فيه كلمتها ويقوى عودها، ولولا وجود من يشبهها أو يسابقها في طغيانها من أنظمة الاستبداد لما أصرت على مضيها في طريقه حتى بلغ من وقاحتها، أو قل من واقعيتها، أن تعيّرنا بمن ينافسها في الرذالة على أنهم يفعلون بشعوبهم أكثر مما تفعل هي بالفلسطينيين،
فليس الصهاينة إذاً وحيدين في ميدان الفجور ولا فرق بين ظالم وآخر ولا مستبد وآخر ما دام طغيانهم جميعا قائما على معاملة الشعوب كأنها خرقة بالية تمسح بها قذرها، لا غير، أو ريبوت مبرمج يعمل ولا يأكل، وعندما تنتهي صلاحيته يلقى في مكب النفايات الصلبة ويمضي في غياهب النسيان.
لا نعول على محاكمة هؤلاء ولا هؤلاء، فالشعوب الحية تملك من العدل في التعامل مع جلاديها ما لا تملكه المحاكم الدولية. لقد حاكمت المقاومة الصهاينة في الميدان حتى أبدت سوءتهم للدنيا، وأرت القاصي والداني أن الحديد وحده يفلّ الحديد، وأن الذي لا يبيت على ضيم وحده من يستحق الحياة.