د. أديب الصانع يكتب: أمراض القلوب

أمراض القلوب شؤم على العبد فهي:
مضلة الأفهام، ومانعة الحق، ومستنقع الذنوب.
ولو تعامل معها العبد كما يتعامل مع أمراضه الحسية لنجا.
انظر لحديث القرآن عن الحسد في أربع قصص:
- قصة إبليس وما نتج عن المرض من لعنات.
- قصة ابني آدم عليه السلام وكيف طوع هذا المرض لابن آدم قتل أخيه.
- قصة إخوة يوسف عليه السلام وكيف صور القرآن هذا المرض مفرخة للذنوب فقد كان سببا في: كذبهم، وعقوقهم لأبيهم، وانشغالهم عن معالي الأمور، وكيدهم لأخيهم الصغير حتى وصل بهم الحال للتفكير بقتله، ثم رميه في غيابة الجب، وتركه في الظلمة دون طعام وشراب، وتسليمه للموت، مع فقدان لمعاني التقوى والمحاسبة.
- قصة اليهود مع سيدنا النبي ﷺ وكيف كان هذا المرض سببا لكفرهم وعنادهم وصدهم عن سبيل الله ومكرهم وحربهم لله ورسوله.
ولو تأملت القصص الأربع لوجدت أن السبب الرئيسي لهذا الحسد هو “حب الرياسة” وهو مرض خفي قل من يحاسب نفسه عليه، وقد صدق سيدي الفضيل بن عياض رحمه الله حين قال: “ما مِن أحد أحب الرياسة؛ إلا حسد وبغَى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يُذكر أحدٌ بخير”.
فانظر لهذه المقاييس (العياضية) وحاسب نفسك عليها لتعلم حقيقة قلبك.
نعم هناك أسباب أخرى للحسد تجتمع مع هذا من نحو نسيان المُنعم جل وعلا وعدم الرضا بقسمته فالحاسد كالمعترض عليه وجماعها في طرح الآخرة والتعلق بالدنيا.
والمهم هنا أن “الحسد” وقد ظهرت لك آثاره
و”حب الرياسة” وقد بان لك خطره..
ينتشران انتشار النار في الهشيم حتى عند أولئك الذين يسعون للإصلاح والتغيير ولا ينجو منهما إلا موفق صادق -أسأل الله أن يبلغنا منازلهم-
ألا ترى معي أن بعضا منا يحب ويكره ويوالي ويعادي على رياسة متوهمة في العلم أو الجماعة أو العشيرة.
بل تراه لا يرضى أن يصدر الخير من غيره أو على غير طريقته فيسلب الفضائل ويتتبع الرذائل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وهذا بين واضح في الناس عموما وعند طلبة العلم خصوصا.
انظر لخبر غزة والشام معا وتأمل في المواقف لتعلم الذي أقول، وانظر للمواقف من العلماء اعتذارا أو نقدا لتستبين الأمر أكثر.
وأخشى ما أخشاه على إخواني وتفسي أن ينالنا نصيب من قول الله تعالى: {وإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ}.
فالصغار سنة ثابتة لمن اعترض على الله سبحانه وتعالى ورأى قسمته خيرا من قسمة الله سبحانه وتعالى.
أيها الأحباب هذا بلاغ للناس لينظر الواحد فينا إلى نفسه ويصدق في كشفها ويدعو الله أن يعينه على شفائها وإلا فإن الآخرة قريبة والحساب قادم: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}.
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد..