الأحد يوليو 7, 2024
مقالات

د. أسامة الأشقر يكتب: شواظات بلاغيّة معبّأة

الشواظ نارٌ غاضبة متأجِّجة شكسة الخُلق متعكّرة المزاج، ومع مزاجها العكر هذا فهي نار صافية خالصة اللهب لا دخانَ فيها.

وهي نارٌ تحتدم ألسنتُها بالحرارة الهائجة والانتقام المنفجر حتى إنه لنقائه وصفاء غضبه يوهِج الجمرة بالمجاورة، ويَخْمش بالقرب، فكيف إذا مسّ هدفَه الجبان من مسافة صفر.

والشّواظ أيضاً صياحٌ صارخٌ، ومُشاتَمة مُقْذعة، وعناد لا انثناء فيه يصبح فيها المرء الغاضب الثائر شَيْظاناً لا يلين ولا يهدأ

والعجيب أن الشواظ المرسل يكون من آلاء الله، ألا ترى قوله تعالى ( يُرسَل عليكما شُوَاظٌ من نارٍ ونحاسٌ فلا تنتصران فبأي آلاء ربكما تكذبان)، وإنما كان كذلك لأن الشواظ المغتاظ يَزجر الظالم الفاجر غايةَ الزجر، ويردعه بدوام الإرسال وتتابع القذف وتتالي الرجم، فإذا كان منه الزجر والردع كان وعيداً من الله صادقاً مؤثراً فاعلاً، فتراه عند تحقق مراده وإصابة هدفه ومنتهى حاله نعمةً سابغةً وفضلاً واسعاً، ورحم الله الجاحظ فهو من نبّهنا إلى المِنّة بالنار أحياناً؛ كما أنّ في ذلك وجهاً آخر للنعمة ببيان العاقبة وظهور العقاب على الجاني الظلوم الذي كُشفت له عقوبته ولم يظلّ تحت غمّ الانتظار الكئيب المحطّم للنفس.

فالحمد لله الذي يشفي فؤاد المغتاظ بهذا الشّواظ.

Please follow and like us:
د. أسامة الأشقر
مؤرخ وروائي فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب