مقالات

د. أسامة الأشقر يكتب: من المعاني المستورة في حديث (لا يضرّهم مَن خذلهم)

1- وإننا نعلم أن كثيراً منا قد ضعف عن نصرتكم، وتخاذل عن دعمكم وإسنادكم، وجبن عن مشاركتكم، وقصّر في إمدادكم، وتأخّر في نجدتكم؛ ولكن اعلموا أن خذلاننا لا يضرّكم، وتقصيرنا لا ينقصكم، وتقاعسنا لا يؤخرّكم، فرسول الله صلوات ربي وسلامه عليه قد بشّر أمثالكم بنصر ربّه على أعدائكم، لأنه يكون معكم: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)، وأحسب أنّ الله قد جمع فيكم التقوى والإحسان.

2- وقد وردت الإشارة إليكم في رواية الحديث الأخرى (يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم) فقد قاتلتم على أمر الله وشَرطه، وقهرتم عدوّكم يوم سبتهم السابع أمام أعين الناس أجمعين.

3- وربما فهم بعضنا أن قول سيدي رسول الله “لا يضرهم من خذلهم” فيه نفيٌ لوقوع الضرر واللأواء، فقد فاته أن ما يفيد هذا المعنى إن كان قال «لن يضرّهم»، وبما أنه قال «لا يضرّهم» فهذا دعاء من رسول الله ألا يُضارّوا بسبب خذلاننا لهم، ورسولُ الله مجابةٌ دعوتُه في آخر المطاف بلا ريب، والحديث في أوله يفتتح بالدعاء (لا تزال طائفة…) وما بعده سياق له.

4- والضررُ الذي دعا لكم رسول الله ألا يقع عليكم هو ذاك الذي يؤثّر على ثباتكم، ويُضعِف من عزيمتكم، ويؤخّر المدد عنكم، وهي إشارة بأنّ العونَ قريبٌ، والغوثَ قادمٌ، وإن تأخر في الوصول إليكم.

5- وفي الحديث أيضاً أنه (لا يضرّهم… مَن خالفهم)، فلا يضرّكم مخالفة نفرٌ من شعبكم لكم، ولا معاكسة الإقليم المكسور المحيط بكم، ولا تآمر الدول الظالمة عليكم، فامضوا على أمركم، ولا تبالوا بمعارضتهم وإنكارهم أو تسوية نضالكم بإجرام مَن تقاتلونهم، أو الافتراء عليكم بما ليس فيكم، ومن مأثور الصحابة: (الجماعة ما وافق الحقّ، ولو كنتَ وحدك).

6- وفي رواية لهذا الحديث أيضاً: (لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق) فالغرب هو الدلو الكبير، فلعلها الدِّلاء العظيمة التي ترفعون بها أنقاض حفر أنفاق الأرض تحتكم، أو أنّ الكلمة على وجهها فأنتم في غرب الحجاز أو في غرب جزيرة العرب على حدّ بحرها الغربيّ الشماليّ، إذ إن جزيرة العرب لدى الجغرافيين القدماء تضم الشام والعراق أيضاً؛ أو أن الغرب هو الحدّة والشوكة، وأنتم أهل الشوكة حقاً، فاستبشروا بالظهور على عدوّكم!

7- وقد وردت الإشارة أن هذه الطائفة التي وعدها رسول الله بالنصر هي بالشام أو أكناف الأرض ذات التقديس، وأنتم فيها، فكأنّ الإشارة تقترب منكم وتؤشّر عليكم.

فأبشِروا فإنكم تجدّدون لنا أمر ديننا، والسابقون إلى باب النصر وفاتِحوه بإذنٍ من الله وعونٍ!

د. أسامة الأشقر

مؤرخ وروائي فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى