الأثنين مايو 20, 2024
مقالات

د. أسامة جادو يكتب: وصايا رمضانية «الوصية الخامسة»

الاعتكاف

هو لزوم المسجد والإقامة فيه بنية التقرب إلى الله تعالى.

 ويرى الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه أن المعتكف في العشر الأواخر من لا يستحب له مخالطة الناس بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتخلي لمناجاة مواله.. الاعتكاف في حقيقته قطع موقوت لعلائق الناس للتشرف بخدمة الخالق عز وجل.

وروى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما».

فضله.

وللاعتكاف فضل عظيم وثواب جليل يشحذ همة المتقين وينادي المجاهدين: ضع بيتك ودنياك خلف ظهرك، وامض إلى سبيل ربك والزم المحراب، فما فتح الله علي عبد إلا باتباع الأوامر وإخلاص الطاعات ولزوم المحاريب.

أخرج ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المعتكف: «هو يعكف الذنوب ويجرى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها»

وروى الإمام البيهقي عن علي بن الحسين عن أبيه رضي له عنهما قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من اعتكف عشرا في كان كحجتين وعمرتين»

وروى الطبراني والبزار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بیته بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة».

حكمه:

 والاعتكاف قربة مستحبة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وواظب عليها. ويتأكد استحبابُ الاعتكاف في العشر الأواخر من. قال الإمام النووي:

«وقد اجمع المسلمون على استحبابه (أي الاعتكاف (وأنه ليس بواجب، وعلى أنه متأكد في العشر الأواخر من».

النووي شرح مسلم، ج٨ ص 246 وما بعدها: ِكتَاب الاعتكاف باب اعتكاف العشر الأواخر من.

 أقله:

 ويصح اعتكاف يوم وكذلك اعتكاف ليلة واحدة، وقال الإمام النووي:

«ويصح اعتكاف ساعة واحدة ولحظة واحدة، وضابطه عند اصحابنا (الشافعية) مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة».

وعلى هذا لو نوى المسلم الاعتكاف لوقت محدود في المسجد -كانتظار الصلاة- صح ذلك منه ويثاب عليه إن شاء الله.

كما قال الصحابي يعلي بن أمية: «إني لأمكث في المسجد ساعة ما أمكث إلا لأعتكف»

شروطه:

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني واتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف، وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بیتها وهو المكان المعد للصلاة فيه،

قال الشافعي ومالك وجمهورهم: يصح الاعتكاف في كل مسجد، وقال أحمد: يختص بمسجد تقام الجماعة الراتبة فيه، وقال أبو حنيفة: يختص بمسجد تصلى فيه الصلوات كلها، وقال الزهري وآخرون: يختص بالجامع الذي تقام فيه الجمعة،

«واشترط بعض العلماء أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع حتى لا يُحرم المعتكف من شهود الجمع والجماعات» النووي شرح مسلم، ج٨ ص 249 وما بعدها: ِكتَاب الاعتكاف باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان.

ويجوز الاعتكاف بغير صوم وهذا مذهب الشافعي رضى الله عنه کمن نوى الاعتكاف ليلا لأن الليل ليس ظرفا للصوم، واشترط بعض العلماء أن يكون المعتكف صائما، قال الإمامان مالك وأبو حنيفة رضى الله عنهما يشترط في الاعتكاف الصوم، فلا يصح اعتكاف مفطر، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: واحتج الشافعي باعتكافه صلى الله عليه وسلم في العشر الأول من شوال، رواه البخاري ومسلم، وبحديث عمر رضي الله عنه قال:

«يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية، فقال: أوف بنذرك، ورواه البخاري ومسلم، والليل ليس محلا للصوم، فدل على أنه ليس بشرط لصحة الاعتكاف».

النووي شرح مسلم، ج٨ ص 249 وما بعدها: ِكتَاب الاعتكاف باب اعتكاف العشر الأواخر من.

فوائده:

ويجوز للمعتكف الخروج من المسجد الذي يعتكف فيه لقضاء حاجته أو حاجة غيره على أن يرجع إلى المسجد فور أن يقض ي الحاجة أو ينتهي العذر، فإن خرج من المسجد دون حاجة متعمدا ذلك بطل اعتكافه، وإذا خرج ثم دخل جدد نية أخرى. وينبغي على المعتكف أن ينشغل ويقبل على ربه تعالى بكليته وجمعيته، ومن أعظم ما ينشغل به المعتكف.

1- الصلاة: فعلى المعتكف أن يحرص على الصال ة في الصف الأول وأن يدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام وأن يحرص على ختام الصالة و أداء النافلة القبلية والبعدية ملا في ذلك كله من خير.

2- تلاوة القرآن الكريم وحفظه وتفهمه والذكر والتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار والتوبة إلى الله تعالى.

3 – وليتمثل المعتكف ويستحضر صورة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم واجتهاده في العبادة، روت السيدة عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل كله وأيقظ أهله وشد المئزر»، روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْر أَحْيَا اللَّيْل وَأَيْقَظَ أَهْله وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَر»

وفي رواية: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لم يجتهد في غيره»

ويسن للمعتكف أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين من رمضان، كما قال الأئمة الأربعة رضي الله عنهم، وقال غيرهم كالإمام الليث بن سعد والأوزاعي والثوري رضي الله عنهم: إن أول الوقت الذي يدخل فيه المعتكف هو بعد صلاة الصبح.

ويُسن للمعتكف أن يخرج من المسجد بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهذا قول الإمام الشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهما، أما الإمام مالك رضي الله عنه فيرى أن يخرج المعتكف من المسجد إلى صلاة العيد على جهة الاستحباب.

وقال الإمام ابن رشد أجمعوا على أن المعتكف إذا جامع أهله بطل اعتكافه ويستوي في ذلك أن تكون المباشرة في المسجد أو عند خروج المعتكف لعذر أو حاجة، قال تعالى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 1٨7[

Please follow and like us:
د. أسامة جادو
العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الزهراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب