الأحد مايو 19, 2024
مقالات

د. أسامة جادو يكتب: وصايا رمضانية.. «الوصية الأولى»

أقبل شهرُ الخير والرحمات، ومع قدومه تتشوق نفوسُ المؤمنين وتستعد لخوض غمار رحمات الله تعالى، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن لربكم في أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها، عسى أن تصيبكم منها نفحة تسعدون بها سعادة لا شقاء بعدها».

وأحرى بنا أن نقف مع أنفسنا لحظات نتأمل بها بعض العبر والعظات من هذا الشهر الكريم فهو شهر کله خير فهو شهر يتعلم فيه المسلم معنى الصبر، والصبر ثوابه الجنة وهو شهر القرآن العظيم والذكر الحكيم وهو شهر الصلاة قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، وقال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وفي رواية «ما تقدم من ذنبه وما تأخر»

وهو شهر الأخوة والحب والتكامل والتراحم بين المسلمين وهو شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار، وهو شهر الاعتكاف وليلة القدر قال صلى الله عليه وسلم: «ومن اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين». رواه الإمام البيهقي.

وهو شهر زكاة الفطر يخرجها المسلم والمسلمة طهرة من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل صلاة العيد فهي زكاة مقبولة.

وهو شهر تعمر فيه المساجد وتطهر فيه النفوس قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 1٨]

ونتذكر أن شهر رمضان شهر مولد أمة الإسلام فهو شهر نزول القرآن الكريم ولقد تأكد لكل عاقل حاجة البشرية إلى الهداية والرحمة الربانية ولا يتم ذلك إلا بالقرآن، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (الإسراء: ٨2).

وقد أحسن الصحابة الكرامُ استقبال نزول القرآن وأحسنوا التعامل معه والتأدب به فكان يسرى في وجدانهم وقلوبهم كما يجرى الدم في عروقهم، ورأينا الملائكة تتنزل عليهم تستمع وتنصت لترتيلهم فأفاض الله عليهم الخيرات والبركات وأورثهم عز الدنيا وحسن ثواب الآخرة، لقد صنع القرآن الكريم أمة الاسلام حتى صارت خير أمة أخرجت للناس، ولما فرطت بعضُ أجيال المسلمين في واجباتها نحو القرآن الكريم حلت بها النكباتُ والبلاءاتُ، وضاعت هيبتها بين الأمم وانحدرت إلى الشقاء والتشرذم والضياع وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ} (طه: 124).

واليوم تطل علينا هذه النكبات ويدور بنا البلاء ونبحث عن مخرج ونسأل عن الحل ولا حل لنا إلا العودة الصادقة لله والتمسك بالقرآن الكريم عقيدة وشريعة وعبادة وسلوكا وغايات ومقاصد وهوية ومنهاج حياة.

فلنتذكر في شهر رمضان الكريم: الواجبات الملقاة على عاتق كل مسلم ومسلمة نحو كتاب الله تعالى والمتمثلة في تلاوته على الوجه الأحسن وتعلمه وتجويده والعمل به والمطالبة بتطبيق شريعته والتضحية في سبيل ذلك بكل من نملك يقول صلى الله عليه وسلم: «لأن يقام حد من حدود الله في الأرض خير من ان تمطروا أربعين سنة» ونعطر أسماعنا وأبصارنا بحديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطهن أمة من الأمم قبلها، خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله كل يوم جنته ويقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله» رواه أحمد.

وكل عام وأنتم بخير وأنتم الى الله أقرب وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وبارك عليه

Please follow and like us:
د. أسامة جادو
العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الزهراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب