مقالات

د. أنور الخضري يكتب: الحصار والفناء

خلق الإنسان في جانبه المادي من أربع مكونات:

– التراب: وهو الأساس.

– الماء: وهو العنصر الثاني الأبرز في تركيبه.

– الهواء: وهو العنصر الثالث في الترتيب.

– النار: وهو آخر العناصر دخولا على تلك المركبات السابقة.

ولكل مكون من هذه المكونات خصائصه الطبيعية:

– فالتراب مكون أرضي ثقيل ومعتم، متعدد العناصر، وهو بطبيعته جاف.

– الماء مكون سائل شفاف في أصله لكن يمكنه التبخر والجمود، وهو يتكون من عنصرين الأوكسجين والهيدروجين، وهو بطبيعته رطب.

– الهواء: مكون غازي فراغي شفاف، وهو يتكون من عدة عناصر. وهو بطبيعته بارد وينجذب للبرودة.

– النار: طاقة متولدة عن تفاعلات كيميائية أو فيزيائية، وتؤثر في العناصر والمركبات، وهي بطبيعتها حارة وتنجذب للحرارة.

وهذه المكونات يمكن ترتيبها في الإنسان بحجم وجودها تنازليا كما يلي:

١- الماء: إذ يتركب جسم الإنسان في معظمه من ماء وسوائل، وهو ما يعطيه المرونة واللين.

٢- التراب: ونقصد بها تلك العناصر التي تعود عند تحللها إلى التراب. وهي ما تعطي الإنسان المتانة والثقل نحو الأرض.

٣- الهواء: فجسم الإنسان يحتوي على كمية من الغازات في خلاياه أو دمه أو جوفه.

٤- النار: وهي الحرارة التي تتغذى على عاملين: التفاعلات الأيضة والحركات الفيزيائية.

أما ترتيبها بحسب أهميتها فهي كما يلي:

١- الهواء: حيث أن امتناع الإنسان عن التنفس لدقائق معدودة قد يتسبب في موته.

٢- النار: حيث أن امتناع الإنسان عن عوامل الحرارة الذاتية والتدفئة الخارجية لساعات معدودة قد يتسبب في موته.

٣- الماء: حيث أن امتناع الإنسان عن الشراب لأيام معدودة قد يتسبب في موته.

٤- التراب: ونقصد به الأغذية التي هي نتاج الأرض أو متصلة به. حيث أن امتناع الإنسان عن الغذاء لأسابيع معدودة قد يتسبب في موته.

وفي حالات الموت هناك سببان رئيسان له:

١- انتهاء الأجل المكتوب: فمهما توفر الهواء والحرارة والماء والغذاء فلن تجدي نفعا في مد أجل الحياة للإنسان رغم أهميتها جميعا.

٢- فقد أحد المكونات الخلقية لجسد الإنسان لمدة كافية لتعطيل الجسد عن مهامه الحياتية.

فالسبب الأول رباني صرف والسبب الثاني بشري أو ظرفي. لهذا فإن قيام إنسان عاقل بمنع إنسان آخر من إحدى ضرورات الحياة: الهواء والحرارة والماء والغذاء حد موته جريمة قتل عمد.

وعليه:

فإن موت إخواننا في غزة، نتيجة الحصار الذي تفرضه أنظمة دول عميلة وأخر متآمرة ومتواطئة، لأكثر من تسعة أشهر، هو جريمة قتل عمد شرعا وعرفا وعلما وحسا وعقلا. ليس له اسم غير هذا.

وأيما عصابة تواطأت على قتل مسلم وجب القصاص منها جميعا، فكيف وقد تواطأت عمدا على قتل شعب مسلم، بحرمانه من الماء والغذاء والدواء والكساء، ومكنت العدو المجرم من قتله بكل الوسائل تحت نظر العالم وسمعه.

د. أنور الخضري

مدير مركز الجزيرة للدراسات العربية بصنعاء - اليمن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى