د. أنور الخضري يكتب: القارون ترامب
الملياردير الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يترأس الولايات المتحدة الأمريكية لولاية ثانية، عاد مجددا لفكرة رعاة البقر (الكاوبوي)، الذي تسيدت في حقبة مثلت فيه تربية الثروة الحيوانية في الحقول الكبيرة والواسعة مصدرا للمال، وذلك عبر توظيف شخص يعتني بقطيع واسع من البقر، يتحلى بالشجاعة ومواجهة الأخطار والشدائد.
فترامب ينظر للعالم كمزرعة، وينظر للشعوب كقطعان من الماشية، ويقيم نظرته للعلاقات على أساس المال والمال فقط، فهو قادم من السوق، كما أنه «ابن سوق» مقامر.
وقد دشن رئاسته الجديد بتوقيع ٢٠٠ قرار، وطرح مشاريع تستهدف ضم جزيرة جرينلاند (التابعة لمملكة الدانمارك)، وكندا، وقناة بنما، للولايات المتحدة!
ووجه خطابات تهديد وابتزاز لروسيا والصين وأروبا، وطالب السعودية باستثمارات فلكية في صيغة أمر قهري أكثر منها شراكة ندية.
وهو يرغب كما يزعم في إيجاد سلام في الشرق الأوسط، من خلال القضاء على إيران وأذرعتها، وتوسيع حدود إسرائيل، وإيجاد تطبيع كامل معها من قبل دول المنطقة، وتبني «الإبراهيمية» كثقافة موجهة ضد الإسلام كدين إيمان ونجاة حصري! وفي سبيل نجاح ذلك طرح «ترامب» خطة تهجير الفلسطينيين، وخصوصا من قطاع غزة.
ومقصوده النهائي استباحة المنطقة من خلال هيمنة مشاريع اقتصادية وتجارية، تقوم برعايتها أنظمة تابعة بالمطلق.
لقد أدار فرعون حربه ضد المستضعفين من خلال:
هامان بما يمثله من قوة بطش،
قارون بما يمثله من قوة مال،
السحرة بما يمثلونه من قوة خداع.
والبيت الأبيض.. يدير العالم بهذه الأذرع. وترامب اليوم يعبر عن وجه من وجوه الغطرسة والعلو، بما يمثله -هو ومن خلفه من أباطرة المال- من قوة ناعمة.
بالتالي، لا تزال المنطقة أمام أدوات جديدة لذات المخططات، ربما تجد فيها متنفسا لكن لا ينبغي أن تغرق في الأماني والتوقعات، وأن تعد وتستعد لموجة قادمة. فانحسار إيران لن يكون مجانا ولن يترك دون ملأ الفراغ.
ومع ذلك فإن هناك قدرا من الفرص يمكن دراستها واقتناصها والولوج من خلالها إذا ما فعل العرب عقولهم.