د. أنور الخضري يكتب: الكاشف لها الله
الكشف هو رفع الغطاء عمَّا ستر وراءه؛ فرافع الغطاء كاشف، والمستور مكشوف عنه، وإزالة الغطاء هو الكشف، قال تعالى في سورة ق: ((لَقَد كُنتَ فِي غَفلَةٍ مِن هَذَا فَكَشَفنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَومَ حَدِيدٌ))، آية: 22. وقد أسند الكشف لله تعالى في أربعة أمور:
الأوَّل العذاب: قال تعالى في سورة الدخان: ((يَغشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكشِف عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤمِنُونَ))، آية: 11- 12.
الثاني: الرجز: قال تعالى في سورة الأعراف: ((ولَمَّا وَقَعَ عَلَيهِمُ الرِّجزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفتَ عَنَّا الرِّجزَ لَنُؤمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسرَائِيلَ))، آية: 134.
الثالث: الضرَّ، قال تعالى في سورة النحل: ((ومَا بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيهِ تَجأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُم إِذَا فَرِيقٌ مِنكُم بِرَبِّهِم يُشرِكُونَ))، آية: 53- 54.
الرابع: السوء: قال تعالى في سورة النمل: ((أَمَّن يُجِيبُ الـمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكشِفُ السُّوءَ وَيَجعَلُكُم خُلَفَاءَ الأَرضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ))، آية: 62.
فالعذاب ضدَّ الرحمة، والرجز ضدَّ السلامة، والضرُّ ضدَّ النعمة، والسوء ضدَّ العافية، وكلُّ واحد مِنها غطاء يحجب على الإنسان نقيضه، ويجعله في عماء مِن بصيرته، إذ هي موجبات للألم والهمِّ والغمِّ والحزن، وهي أمور إذا سكنت القلب حجبت عنه الأمل والسعادة والسرور والفرح.
ولا سبيل للإنسان لأن تكشف هذه الأمور عنه إلَّا بالعودة إليه، قال تعالى في سورة الأنعام: ((وَإِن يَمسَسكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يَمسَسكَ بِخَيرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ))، آية: 17. وجاء في سورة النجم: ((أَزِفَتِ الأَزِفَةُ * لَيسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ))، آية: 57- 58؛ أي ليس لها مِن دون الله انكشاف.
ولا شكَّ أنَّنا في زمن كثرت فيها مصائبنا وأوجاعنا وآلامنا وهمومنا وغمومنا، ووقع علينا مِن الظلم والبغي والعدوان والأذى، ما لا كاشف له إلَّا الله تعالى، مع توبة نصوح والأخذ بأسباب المدافعة والمقاومة والتغلُّب.